بائعة الكلمات..رواية احتفاء بالقبح الخلاق!
بقلم : أ . وارد بدر سالم
بساطة هذه الرواية هي عمقها الأخير. وفكرتها الاستثنائية تعزز مثل هذا العمق ، وطريقة السرد التي ألحقت الهوامش بالمتن السردي العام وفتحت أجنحة الرواية على فضاءات أوسع من عقدتها ، هي ما يجعل رواية "بائعة الكلمات" للروائية السورية ريمة راعي ذات اتجاهات متعددة تحاول عبر فصول مناسبة أن تلتحق بالخط العام لها تحت أسئلة أشاعتها الكاتبة عبر إعلاناتها المتكررة عن الرواية وهي أسئلة الرواية ذاتها :
لماذا كل بطلات الحكايات جميلات؟
ما ذنب الدميمة في ألا تكون نجمة القصة٬ وأن تكون لها أسطورتها الخاصة؟
هل هناك علاقة بين الجمال ونقاء القلب٬ أم أن الحظ هو ما يلعب دوره دائمًا؟
...
مثل هذه الأسئلة كفيلة بأن تجعل من " أفروديت" - الشخصية الرئيسية في الرواية- ذات عُقدة على مستويات نفسية وعصبية واجتماعية ، فالاسم يحيل الى أسطورة الجمال اليونانية / إلهة الحب والشهوة والجمال / لكنها في الرواية غير ذلك ولا تحمل سوى الاسم الذي ربما شكّل عقدة شخصية في ظاهر الأمر وباطنه. وبالتالي فأن الصراع الشخصي بين الاسم وحاملته - التي لا تنطوي على جمال أفروديت - هو العُقدة الجميلة في مفارقة سردية حملتها ريمة الى تخوم وفضاءات أوسع من هذه الحبكة الظاهرة لتكشف الكثير مما يجب أن تكشفه على مستويات الصراع الأخلاقي والنفسي في محيط يبدو ساكناً وهادئاً إلا أنه يمور بالكثير من المفارقات والآلام العامة.
...
حاولت ريمة راعي أن تؤسس أسطورة سورية محايثة لأسطورة أفروديت اليونانية لكن بطريقة عكسية ، حيث يتقابل الجمال والقبح على مستوى واحد من خط شروع سردي لمؤاخاة هذين الخطين بطريقة سلسة ولغة مقبولة واقتباسات روائية وأدبية توخّت فيها أن تعزز الفكرة الأساسية وتنوّع عليها في أكثر من مفصل سردي ، وبالتالي لم تجعل من حدث الرواية عقدة معقدة وكبيرة ، بل جعلت أفروديت – السورية تكتشف زوايا الحياة بطريقتها ومن خلال شخصيات جانبية رفدت المتن الروائي لبائعة الكلمات / أفروديت / وهي تشق طريقها وتكرّس من شخصيتها (القبيحة) كأفروديت تحمل اسم (الجمال) الأسطوري في داخلها ، أي تحمل الشيء ونقيضه.
....
أنه اللاجمال ، الجميل، الفعّال ، الحيوي، الإيجابي ، الخلاق.
تحية الى أفروديت السورية التي تصارع من أجل البقاء وتجمّل حياتها وحياة الآخرين بطريقة مبتكرة ليس أقلها من أن تكون (بائعة الكلمات).
وتحية الى الصديقة الروائية ريمة راعي التي قالت الكثير المستتر في تضاعيف الرواية.