قراءة
اولى في رواية " هيام" للكاتبة السودانية دعاء عثمان
كتب
: الدكتور مصطفى الصاوي
مدخل :
اذا كان الشعر ديوان العرب لفترات طويلة
فان الرواية حاليا تشكل تأثيرا كبيرا على الساحة
ساحة الادب بالسودان عبر تراكمات
كمية وربما تفضى الى
تغيرات نوعية لها حضورها القوى فى عصرنا الحاضر
وتزايد هذا الحضور اللافت للانتباه
بعد دخول السرد النسوي الذى اثبت حضوره الفعلي جدارة من
لدن ملكة الدار محمد وزينب بليل
وبثينة مكى والقائمة طويلة عبر
نصوص اختلفت في البناء
الفني ووجهات نظرها وعالمها
الروائي
لذا
كان نص المرأة ذاكرة تنعث من
تحت اثار الطمس وركام التاريخ لتسمع صوتها المقهور
الاخضر
بن السائح سرد المرأة وفعل الكتابة
دار التنوير الجزائر ومن خلال تتبع ومعالجة نص الكاتبة
دعاء عثمان يشعر المتلقي بسردها
الذى يحمل رسالته للقارئ
لتلك الذات بين تضاعيف النص وحيثياتها لان تلك
الحيثيات النفسية والتاريخية
التي تشكل احد مكونات التعامل
مع الذات تنعكس على تركيبة
النص الإبداعي عند المرأة
بنية
الشخصية :
ان الساردة في هذا النص هي بطلة
سردها هيام هكذا سماها شقيق العمر
اعاد تسميتها دون كبت
( يسرا صلاح الدين محمد كانت
تعيش في مدن من الاحلام شيدت لنفسها مدينة فاضلة
بل مضت الساردة لتصف ذاتها
قصيدة لم تكتمل كانت حالة حزينة لعبت
بها الدنيا حتى الموت تناقلتها
الاقدار من الاقصى الى الاقصى ويتداخل السرد
ومن الصفحات الاولى لينقل الشخصية
الثانية ذات التراكم
الكمي والنوعي زهور
كرام السرد النسائي العربي
شركة النشر والتوزيع الدار البيضاء في النص اسمى يارا او دكتورة
يارا تخصصت فى علم النفس
وعملت به وبرعت فيه بجدارة
اعتقد انى من اصغر
اللائي حصلت على درجة الدكتورة
فى هذا المجال وهنا تتشكل
بنية الشخصية عبر ثنائية يسرا – هيام
يارا-
الطبيبة
في ثنائية
المعالج والمعالج
أي المريضة
والطبيبة
والشخصيتان مركبتان
يجمع بينهما افعال وسلوك نابعة من
دوافع نفسية متناقضة تشى بالفشل والطموح
والعزلة والصداقة والضعف
والقوة والحزن والفرح
اذ تجلس الاولى في اول جلساتها على الاريكة
وتقول للطبيبة : ( لا اعتقد
انى اميل للجنون لكنى احتاج لعلاج جاد
لأحافظ على ما تبقى من توازني ) وقبل كل شيء انا لا اريد ان يعلم احد
بزيارتي لكي .
ثمة
عتمة داخلها تريد لها ان تنجلي وكان رد الطبيبة ( انا هنا لمساعدتك في ايجاد
مفتاح حياتك والبحث معك لا البحث لك
)وتنطبق قاعدة التقابل يمكن قراءة ملامح شخصية هيام
على النحو التالي :
الشخصية العلاقات ...
هيام
الرغبة في التعافي من الحبيب الاول
ن –
الرغبة في الحب
لارا
– المشاركة المعنوية - المساعدة فى الوصول للعلاج
هيام
– تجربة حب فاشل العائق الحبيب الاول
وفى
ضوء ما سبق تتبدى علاقة جمعت بين
هيام والحبيب الاول علاقة حب
وتخرج هذه الكائنات الورقية الى عالم الواقع ارتكاز
على شروط رومانسية (يضحكني
كلما حزنت ويرويني كلما عطش) كان هذا البحر وسرعان
ما يظهر الحبيب اثناء
تجوالي وسط الرمال الناعمة
احسست بعطر رجالى قوى
يتبعني ( هل انت وحيدة ) لم استطع
الرد كنت اود لو اختصرت الزمن والبرتوكولات
وقلت له أظنني لم اعد كذلك كل مخلوق يبحث عن شريك وانا مخلوق وانت
نعم
بالطبع وانا ايضا
وهكذا
على منحنى ثان يمكن تشخيص هذه العلاقات بين العوامل لمزيد من قراءة شخصيات
النص ذات الحضور الكيفي على النسق التالي
:
المرسل
( الموضوع ) المرسل اليه
هيام تجاوز
العزلة الحبيب الاول المساعد
الذات الطبيبة المعارض
قلق داخلي المجتمع
وعلى مستوى شخصية هيام تخلص في
خاتمة النص الواى الى ان تجد نفسها وان تتجاوز صراعتها
الداخلية والخارجية ومن للافت للانتباه في هذا النص تبادل المواقع بين الطبيبة والمريضة واعنى بذلك ان الاولى نظرت الى نفسها من خلال
الثانية وهذا اشبه بتقنية المرأة فقد
اخذت تتمري في هيام وتنظر الى حياتها من خلالها
اسدلت جدائلي وتراني اخطو نحو حب جديد
اتاني بصورة نمطية بحتة وبشكل
هادى واثق طويل عريض وبن بلد ولازالت
اخطو لك العتبى .
الرؤية السردية :
نهض السرد في النص على ضمير المتكلم السارد
مشارك في الاحداث حيث قامت هيام
وعبر ضمير المتكلم بسرد الاحداث مع وجود
مساحات واسعة فى فضاء السرد ل الدكتورة
يارا في ان تسرد عن ذاتها اذن السارد هنا = الشخصية
أتتني اليوم يسرا كما قالت لي تحمل
دفتر منمق أعجبتني فخامته وهذه تقنية
سردية اخرى اذ استعانت
الكاتبة بما يشبه المذكرات
الشخصية او الخواطر في تدفق
السرد وانارة الشخصية من موقع اخر
خلافا للحوار بين المعالجة والمعالجة
داخلي ثورات وثورات ضيق وامتعاض
اسئلة بلا نهايات واجوبة بلا سؤلات بدايات
لا تنتهى ونهايات غير مبدية
وتمضى فى السرد محولة على عالمها الداخلي حيث تناجى
ذاتها بالنظر الى واقعها
ولحظات الانجذاب الى الذات
والتوغل فى اعماقها شغف الكتابة لا ادري ماذا اخط لان الكتابة احساس وانا
اجمل احساس
الاخر الرجل لا تشكل إحساسي تجاهك فى هيئة
اعتقاد العقيدة هي الاقتناع العقيدة
هى الحب والاخلاص بالمعتقد
كشف وجرد حساب
هل استحصنت بها عني وهل عوضتك
عنى وتواريخنا المقدسة
هل ستنساها
نلك
الكراسة بما احنوت اضاءت شخصية هيام لذا اغلقت غرفتها كما فعلت فرجينيا ولف ودونت
بمداد من المها وعاشت ذاتها
سردا وعبرت بعمق عن هويتها وهنا تحولت
الى فاعلة قادرة رغم تناقضات بعض المكتوب على الامساك
بحياتها والاصغاء لذاتها وعلى مدى النص
وفضائه المتسع بالتداعيات
تحافظ الساردة على مبدا السارد = الشخصية
ويظل تبادل السرد
ماثلا بين يارا وهيام
هدتني كلماتها
سحبت طاقتي في تلك الجلسة فلم ادرى
كيف اديرها واتعقل واتكلم
يحيلنا نمط
السرد وصيغته الى ان المرأة
هنا كاتبة ومكتوبة بمعنى عنها وعبر
الصفحات تلتقط اصواتهم
واوجاعهم والمبررات التي سلكن دروبها وجدتني
في قصة بعثها لي الرب لتعيدني الى سيرتى
الاولى انثى ضعيفة تحتاج لرجل يظلني
ويوبخني اذا تأخرت لأنني امرأة
تحتاجك لتظلمني وتنصفني
رجل يكرهني و يحبني معا احتاج ان اكشف ساقي لرجل واحد
اذن السرد
يعول على اوجاع الذات والمها
ضيقها حيرتها تناقضاتها
نلك المحمولات الدلالية
سيطرت على النص وعلى الشخصيتين المحوريتين
هيام ويارا
ترى
هل تمثل كتابة المرأة في هذا النص قيد القراءة
انتقالا من الراحة الى القلق
زكية
عبد القادر امنة رواية المطابع الموحدة تونس
من المهم في هذا السياق الاشارة الى التماثل التام بين
شخصيتي هيام ويارا وبكت بصوت عالي وبكيت انا
بكيت كثيرا كانت جلسة لا تنسى
كان كلانا يحتاج الى الصراخ فتركت لها
المجال لتعترف فى دموعها واعطيت نفسى
الاذن لانهار وابكى بحرقة وساد
الصمت مطولا فودعتني دون
احضان وبعدها جلست ابكى واتذكر .
لغة
النص :
يقول النقاد صلاح فضل الطاقة الخفية المحركة للسرد ليست
اكثر من اخراج للمود المسرودة
من حالة الاخفاء والاضمار الى الضوء والعلن
بوسطة اللغة او اخراج للمسرود من وجوده في معزل عن اللغة الى وجود لغوى خاص عبر الرواية لتكون الرواية
بالتالي تجليا لغويا والسؤال هنا ما تجليات اللغة في هذا النص
هيمنت على النص غواية اللغة ولتغريب هذا يلاحظ شاعريتها وشغفها بالعبارات
صلاح فضل سرد الاخر والانا عبر اللغة السردية المركز الثقافي العربي وجمالياتها
خجلت من نفسى
ولازلت اتدلا اقتربت الرائحة وقفز قلبي
لاحظ الشغف
بالتشخيص
الاستعاري قفز قلبي اقتربت الرائحة بالتناص وتوظيف لغة النص القرآني فى مواضيع
عديدة من يعني بزبر الحديد
لأجعل بينك وبين قلبي سدا
تلك اقتباسات تتجلى فى اكثر من موضع في النص بكثافة تتقصى الكاتبة اقصى حالات الدلالة
ومن لك التعبيرات
اصبحت يا سيد قصتي
رماد ذكريات غير مقدسة احزان نافرة
اوجاع تكدست فتحفنت ببرودة اعصابك
لاحظ
تراكم المفردات وتصاعدها
رماد
ذكريات
احزان
اوجاع
تعفنت
ثم لاحظ
العنف اللفظي فى عبارة برودة اعصابك
وفى منحى اخر توظيف مصطلحات
علم النحو في التعبير عن احوال ومالات
شخصيات النص وعلى الرغم من طول الشاهد لابد من الاشارة اليه بتصرف
لب القضية عبارة عن ضمير مستتر تقديره
ه من ستر وانا من
بهت هي من قدر وانا من قدر عليه انا المفعول به وهو الفاعل
وهى الحال ونعم الحال انا مفعول به
منصوب عليه استخدم جميع حروف
الجر وبطل القصيدة هو الفاعل بالنصب الظاهر
اما القصيدة الجديدة فهي المضارع
المستعار من جملة اخرى وهى حياتي
لا ارى
في هذا الشاهد تلاعبا لغويا بل هو حال
وجامع على تبيان حياتها وان استخدمت
مصطلحات علم النحو والذى عرف
ومثيلاته بالتفنن اللغوي
حياتي التي
جردها من المثنى والجمع حياتي التي استثنى منها العطف
واستبدله بالجرد فجردني
من كل حياتي التي انتشل منها واو المحبة حياتي التي
اعرب عنها بجمع المؤنث الذى لا يمكن
ان يسلم حياتي التي شكلها
باسكون والسترة فنصبت خيمتي
في مناطق العزلة والخفاء
تضمين السرد عبر تجليه اللغوي اشارات جنسية مضمرة
الفاعل والمفعولتشير
عبارة جمع المؤنث الذى لا يمكن ان يسلم الى قهر وقمع المرأة ويوكد المقطع البعد النسوي في الرواية
عبر ثنائية هي وهو ومثلث الرجل المرأة
العالم الدلالي و يا الجمال فان السرد عند دعاء عثمان ادثرت في
مواقع عديدة من النص
بثنائية الاخفاء والاظهار وان اللغة لتعيش
وجودها فى جدل مع الواقع تجاذبها
في فهم الواقع والتعبير عنه
او تزويره والانحراف به او ولوجه ولاستحواذ عليه لا
لسيطرة اللغة عليه بل
تحويله واعادة ابداعه تركيبيا
وصياغة وانشاء هذا التسريد
منح النص الكثير من البهاء والاكتمال
مما ادى الى التعبير عن مفهوم النسوية
في النص منزر عياشى الكتابة النسوية وخاتمة المتعة المركز الثقافي بيروت
اعادة
تركيب :
هذه قراءة اولى
لنص هيام للكاتبة دعاء عثمان اختتم المقال بالتالي: هذا النص نسوى بامتياز لأنه اطروحة
فى علاقة هي وهو ويحاول تأكيد وضع
المرأة مع التعويل على اشارات لحالات
قمعها ارتكز بتاء الشخصية على تراكم
نوعي واظهر جدل الانا
والاخر وعوالم المرأة الداخلية يزعم الكاتب بان النص به اصداء من روايات
احلام مستغانمي وعوالمها على مستوى التشخيص واللغة .
زواج النص بين ضميري المتكلم والغائب
عبر الشخصيتين المحوريتين اضافة الى توظيف السرد عبر المذكرات الشخصية ،تميزت لغة السرد بالشاعرية وبكونها
في حالة سرد عبرت عن الصراع ووضحت ملامح بناء
شخصياتها المحورية
وتوظيف
التفنن اللغوي اضافة الى اقتباسات عديدة من
القران الكريم وايراد مقاطع شعرية وبعض الحكم
ويبقى السؤال
ملحا هل هذه رواية الكاتبة الاولى اذا صدق الامر فان اغواء السيرة الذاتية يكون ماثلا ان اغلب
عمالقة السرد بدواء بكتابة سيرهم الذاتية
ويقول بعض النقاد بان الرواية الاولى هي رواية سيرذاتية