قصة قصيرة ... عصير الكتب
بقلم /حركاتي لعمامرة
كانت ليلة الرابع من جانفي 1973 من أشد اللًيالي ألما في حياتي ،إذ بات ضرسي المسوس يؤلمني مما حمل والدي رحمه اللًه أن يأخذني في الصباح الباكر إلى طبيب الأسنان الذي كان عسكريا حينها ولما انتهيت من قلع ضرسي ،ودعت لعنة التسوس والألم وخرجت مع أبي في جولة خفيفة بعروس الزيبان وكنت كلما مررت بمكتبة تشدني واجهتها بكتبها إلا أنني كنت أتألم لحالي وفمي يملؤه قطن طبيب الأسنان بينما كان والدي يعرض علي شرب كوب من العصير أو تناول قطعة من المرطبات كانت نفسي تأبى كل ذلك وأخيرا فهم أبي أنني أريد شيئا آخر فسألني ،فأشرت الى الكتب التي أريد أن أرتوي من عصيرها ،فكانت قصة على هامش السيرة لطه حسين أول كتاب أقرؤه ولن أنسى طعم حلاوته لتلي ذلك كل كتب عميد الأدب وبداية رحلتي مع عصير الكتب الذي يروي عطشي كلما زرت المدينة ومررت بمكتباتها و رواقاتها ...
أما اليوم فصارت مدينتي تكتظ بمريديها وزوارها الذين يترددون على محلات الطعام وشتى ملذات البطن أما المكتبات فصارت تغلق واحدة بعد الأخرى فخسرنا مكتبة ابن سينا والعربي بن مهيدي وأخيرا هاهي مكتبة النخلة توصد أبوابها لأن عصير الكتب صار سلعة كاسدة إلى جانب الدوبارة والشخشوخة والمحجوبة وحتى اللًاقمي عصير النخيل ويبقى جيلنا الذي قرأ امهات الكتب عاشقا لعصيرها وإن قلً ،فما من عصير ألذ وأحلى من عصير الفكر والخيال والأدب ...عصير الكتب .
بسكرة 11 ماي 2019