البصرة
نص : أ . سميا صالح
رَتِّلْ مَا تَيَسَّرَ
مِنْ أَنينِ رَمْلٍ
يَعْزِفُ مُوسِيقى المَنْفى على أوْتارِ القُضْبانِ
رَتِّلْ مَا تَيَسَّرَ مِنْ لَحْنِ الرِّيحِ
وَهيَ تُمَسِّدُ شَعَرَ الفَجْرِ
تَضَعُ كُحْلاً لِلْهَمِّ
رَتِّلْ مَا تَيَسَّرَ مِنْ رَقْرَقَةِ النَّبيذِ
حِينَ يُقايضُ بِقَصيدةِ رِثاءٍ
لِخِيانةٍ شَدا بِها الهُدْهدُ لِسُليمانَ
رَتِّلْ
وأنتَ تُحاوِلُ أنْ تَرْفعَ عَينَكَ مِنْ جُبِّ الآهِ
رَتِّلْ وأنْتَ تَكْذبُ خلفَ قميصٍ
ليسَ لِزليخةَ بهِ سَفَرٌ
رَتِّلْ مَا تَيَسَّرَ مِنْ نَحيبِ غَيمةٍ ثَمِلةٍ
قدرُها صَيَّرَها قطرةً
رَتِّلْ بصوتٍ مَلائِكيٍّ
احْتِجاجَ الماءِ عَلى دَنٍّ
سُكِبَتْ منهُ آمالُ عُنقودٍ أسْودَ
رَتِّلْ بِذاكرَتِكَ المُغلقةِ نشيدَ العُشْبِ المُعَلَّقِ على الغُبارِ
رَتِّلْ سُورةَ تَوبَتِكَ
وَاسْجُدْ أمامَ دَمعةٍ
في بَراري الرُّوحِ
رَتِّلْ وأَنتَ تَضعُ ظِلَّكَ في كِيسِ البُكاءِ
رَتِّلْ بِحِكمةِ السَّوادِ كَلماتٍ
تُعاندُ الظَّلامَ بِفِنجانٍ
يَرْسُمُ الصَّدى
رَتِّلْ بِظمَأ حَنْجرةٍ
فاتَها الغِناءُ
وَنسيَتْ صَوتَها في بِرْكةٍ
ارْتبَكَتْ على شَفتِها الأغنياتُ
رَتِّلْ فالحَرفُ يَحملُ أسْرارَ الدَّمِ
فَما عادَ دُخانُ القَرابينَ يُغْري آلهةَ السَّلامِ
رَتِّلْ لِلبَصرةِ
فَلَها وحدَها تنامُ القَوافِي.