الموريسكيين طردوا
للشاعر / حامد الشاعر
أذرفت دمع الأسى و الناس قد رقدوا ـــــــــ أبكي كطفل على أم و ما أجدوا
ما أشبه الأمس هذا اليوم بان غدي ـــــــــ أهلي لمن أرضهم بالسيف قد طردوا
قد صار فردوسهم المفقود في قدر ـــــــــ كأن قومي عليها نارهم قعدوا
في فرقة ضاع منهم مجدهم و طغى ــــــ جيش العدى نجمهم في الليل ما رصدوا
في دربه الجهل ساروا العلم ما وجدوا ـــــــ و النور عن عينهم فيه الدجى فقدوا
كأنما سقطت أرضي السماء علي ـــــــــ ها في الشقاوة قد عاشوا و ما سعدوا
طغيانهم فيه ضلوا آه ما أبدا ـــــــــ حشدا قويا على استرجاعها حشدوا
دين الهدى في هوى الدنيا مقاصده ــــــــــ في بغيهم أو فساد الأمر ما قصدوا
في أمسهم بيد اليمنى فما زرعوا ـــــــــ فاليوم هم بيد اليسرى له حصدوا
لما عصى آدم الفردوس خالقه ــــــــــ فيه غوى مثله آلاءه جحدوا
مثل اليهود الذين العجل قد عبدوا ــــــــــ ضلوا إله الهوى بغيا له سجدوا
صاروا ببحر الدنا من دون بوصلة ــــــــــ من شدة الحزن كالبركان ما همدوا
قادوا حروبا لدى استرداد ما فقدوا ـــــــــ و القوم ضد العدى يا سلم ما صمدوا
و العلم منهجه عند الردى تركوا ـــــــــ و النوم في مهده أو شهده رقدوا
و الرقص و السكر و النسوان قد عشقوا ـــ ساد الغناء الحمى و الرب ما حمدوا
و الكأس خمرتها في رقصهم عبدوا ــــــــــ بغيا عليه نفاق أسود مردوا
نهج الشريعة في سوق الهوى تركوا ـــــــــ و المال أضحى لهم ربا له عبدوا
من أوجه المجد في طغيانهم نزلوا ــــــــــ دنيا حضيض إليها بعدما صعدوا
من بعدما خصمهم أمامه وقفوا ـــــــــ هانوا البلايا على نيرانها قعدوا
أخطائهم كثرت دنيا الهوى صغرت ـــــــــ تلك الخطايا إلى أفعالها عمدوا
فيه الهوى فقدوا بالعين أنفسهم ـــــــــ لا الغير بعد الذي قد صار هم حسدوا
من بعده طردهم مثل النساء بكوا ـــــــــ و الدهر سبوا عليه في الهوى حقدوا
بانت ليالي الأسى كالثلج يسقطه ـــــــــ مزن إذا خفت شمس الضحى جمدوا
واحسرتاه على ما في الهوى تركوا ـــــــــ نارا هشيمي به صاروا وما خمدوا
دنيا غرور تغر النفس زهرتها ـــــــــ تحلو و أهل الهوى فيها فما زهدوا
طابت لهم زهرة الدنيا و آخرة ــــــــــ في مرتين به الفردوس قد وعدوا
رب السماوات جلت روح حكمته ــــــــ تهوى حماهم هموا في الأرض إن فسدوا
لا يترك العاقل الفردوس صاحبتي ــــــــــ مثل المجانين صاروا بعدما رشدوا
من بعد طرد أقاموا في الحمى مدنا ـــــــــ مورسكيين إليها في المدى وفدوا
تبنى بأندلس العليا حضارتنا ـــــــــ آثارنا ما تبقى منك هم شهدوا
يحكي حكاة الزمان المر ما شهدوا ـــــــــ أحداث تاريخنا المشهود قد سردوا
المورسكيين أو المورسكوس هم سكان الأندلس الذين ضلوا بعد سقوط غرناطة و تسليمها بمعاهدة وتم إجبارهم إما على التنصير الإجباري أو الطرد بلا متاع و أموالا بعدما أقيمت محاكم التفتيش مع اليهود فهم طردوا
لقد شكل سقوط قرطبة في الغرب الإسلامي و بغداد في المشرق الإسلامي على يد المغول انهيار حضارة مزدهرة نتيجة الفوضى و التطاحن الداخلي و الصراع السياسي و سفك دماء الناس بلا وجه حق
لقد كان التعايش السلمي و التسامح الديني سمة سكان الأندلس لقد وجدت الحضارات الثلاث معا و عاش النصارى مع اليهود و المسلمين في نسيج واحد و شكل مفخرة العالم لكن الصراع السياسي و الطائفي هدم بناء هذا المجد العريقالجميل و المشرق
فمنذ فتح الأندلس على يد طارق بن زياد شيد المسلمون مع اليهود و النصارى صرحا حضاريا و نظام حكم فريد من نوعه
لقد خلف سكان الأندلي وراءهم ثراتا علميا و فنيا و ثقافيا و عمرانيا و موسيقيا قل نظيره رحلوا إلى شمال افريقيا و تركيا و بلاد الشام و مصر و في بلدي المغرب هناك عائلات شهيرة أصبح لها دور و نفوذ فيه و في مدينتي العرائش يوجد كثير من العائلات أصولها أندلسية تتجلى آثارهم في البناء العمراني و التراث الموسيقي واللباس و الأطعمة
وما نعيشه اليوم شبيه إلى حد قريب في بعض الأوجه بما جرى هاهم سكان فلسطين طردوا من أرضهم عنوة وها هي الفوضى تعم البلاد العربية دمر العراق و الحرب في سوريا و اليمن والفوضى في ليبيا و الصراع المذهبي و العرقي و الطائفي يعم البلاد كلها و الله يستر و ما خفي أعظم
