قراءة في حرف الألف
بقلم / فتحي الحمزاوي
أمدُّ يديَّ إلى جهةِ الأَلِفِ
فيهرُبُ في كلّ فجّ بعيدا عن الأحرُفِ
أمدُّ شفاهي لأشرب منه اللّمى
فتفلتُ منّي ظِلالي
ويذهب عمري هباء
وأبقى بلا أمنيات ولا أغنيات
يُصَعِّدُ في الأفْقِ لا يستعيد
سوى لغة الموت والانتحار
وموجِ البحار إذا غاب عنها الهدير
أمدُّ يديَّ إلى جهة الألِفِ
يصير الوجودُ ركاما بلا أعمدهْ
ويُمسي الزّمان قطارا بلا سائق
ويعدو ورائي الفراغ
يُطاردُ ظلّي وقد أرهقته الدّروب
وصار قديما تٱكلَ في عُمقه
فلمْ يبق منه سوى الواجههْ
أمدُّ يديّ إلى جهة الألِفِ
حروفٌ تلاحقني في المتاه
وتجبرني أن أصير نبيّا
على أمّة غابرهْ
تموت بخيمتها النّخلة
وتسعى بضيعتها السّحليات
وتهرب منها الجهات
أمدُّ يديَّ لألحقني
تطول المسافات بيني وبيني
وأبقى شريدا بلا أمكنهْ
نَسِيًّا على صفحة الماء وحدي
أراقب حرفا تلهّى بموتي
يفرُّ من المعجم البائدِ
ويحمل في راحتيه الكفنْ
ليقطف عمري، ويُشفي غليلي
ليحملني في القطار السّريع
إلى تلّة المهملات
أمدُّ يديّ إلى جهة الألِفِ
غديرا أصيرُ
أصوِّرُ بدرا على مائه
وأمحوه صبحا إذا صار يبكي
ليسكنَ بين الحروف
ويخفى بعيدا عن الألِفِ