-->
مجلة دار الـعـرب الثقافية مجلة دار الـعـرب الثقافية
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

نقطة في محيط. قصة للاستاذة/ ابتهال الخياط

نقطة في محيط. قصة للاستاذة/ ابتهال الخياط

في عالم يعج بالناس نطلق لأنفسنا العنان لنظلم فيكون للظلم ألوان عدة.
اخترت أن أظلم نفسي بأن أفكر بكثافة الخلايا التي تملأ جمجمتي فأحاول احتواء كل الناس الذين احتواهم الظلم ، حينها وقعت في الأوهام ! وهماً صار شبحا ملازما لوجودي.. فكان عاشقا مولها بي لايستطيع أن يمتلك حريته كشبح حر .
كان مغرما بي إلى حد الإلتصاق وصرت أشعر بأنفاسه وكأنه بشر حي فوقعت في عشقه.
كنت أسمعه يردد عبارته الوحيدة" كفى قلقا حبيبتي ولتكن الأيام حلًا لكل معضلة، لقد شهدت عصورا متتابعة فما رأيت ثباتا لشيء"
في كل مرة أجيبه بشكل مختلف ورأي جديد بحسب مزاجي .
اليوم وعند الصباح والحرقة في قلبي من أشياء و أفكار كثيرة وتجهمٌ رأيته على وجهي في المرآة..سمعته يعيد عبارته هامسا بها في اذني فقلت له:
ليتني أفهم سبب صمودك معي طوال هذه السنين ، أي غرام هذا قد حبسك بقربي ، لماذا لاتمارس حريتك وكل التاريخ أمامك والأماكن أيضاً ، فها أنا كئيبة ومزعجة بصمتي وعدم اكتراثي بك ولاأظنني يوما أسمعتك ردًا جميلا يسعدك ، ها ؟..انطلق وعش جمال حقيقة أن تكون شبحا فقط .

ساد الصمت وشعرت بأنه اختفى وصرت أتلفت وكأنني كنت سأراه ! زاد خفقان قلبي فقلت:
هل يكون قد رحل ؟
هل انفك عنه سحري وانطلق ؟
ربما كنت من أحبسه رغما عنه ؟
أجل ربما قمت بعمل ما يوما وتسببت بأن يلتصق بي ؟
على كل حال ها أنا الآن وحيدة بالمطلق وحتى الأشباح تتملص مني.
هنيئا لك حريتك أيها الغريب الذي حتى لم أعرف منه غير همسه لكنه كان همسا جميلا.
لكن أي حدث هذا الذي جعله يصاحبني ؟! ،
لابد أنها خطيئة لم أفكر بها ،كان لابد من أن أسجل يومياتي في دفتر كبير يحوي كل خطواتي وكل الناس الذين أفكر بهم .. آه كم أمقت كل شيء.
لدي شكوك رهيبة وربما أختل عقلي و إيماني ، لكن لا فرق بينهما فيكفي أحدهما أن يختل للأنهيار .
لاداعي للتفكير به ليرحل وكأنني ينقصني الجنون .
لأشغل نفسي بقراءة كتاب ما ،لأغمض عيني وأترك يدي تختار كتابا من المكتبة وأغلبها قد قرأته ،يااااه يدي عجيبة وربما تفكر لقد وقعت على كتاب فرويد ،لم أقرأه منذ وقت طويل ، ربما لأنه باعتقادي قد اخترع مرضا جديدا للبشر وقد يستحيل علاجه الجذري.. هكذا أفكر بأمراض فرويد فمن المستحيل تغيير ماضي الإنسان ،تعال يا فرويد وأخبرني برد سريع عن سؤالي : ماهي خطيئتي التي لم أستطع معرفتها .. لأن الخطايا تكون واضحة جدا وتخبرنا عن انفسنا بتوهج ناري؟
....
صرت أتلقف الصفحات بحثا عن مرضي بيد فرويد وهو يتهرب مني من صفحة إلى أخرى فمللت حكايات وهلوسة الكثيرين من مرضاه ، رميته بغضب. سقطت منه قصاصة صغيرة ، مددت يدي إليها وقرأت مافيها
"انا الوحش الذي لم يرَ نور الشمس رغم أنني على قيد الحياة"
يالله لقد كتبت هذه منذ زمن طويل جدا ربما كنت في عمر الخامسة عشر ،أجل أتذكرها جيدا كنت أدرس للامتحان فأعجبني أن أتصفح كتاب فرويد ووجدت أناسا طيبون تنهار أحلامهم تباعا لأنهم لم يكرهوا أحد ،كما أن هناك من أحتاج حبا فلعن وجوده لحرمانه منه،وهناك من أمتلأ كرها فكان وحشا يدمر كل شيء.. نعم حينها اخترت أن أجعل الوحش مقيدا في زنزانة هذا الكتاب فسطرت كلماتي وحشرتها فيه ولم أعد إليه لاقرأه ، إنه الكره والحقد الوحش الأكبر الملعون .
إذن هي ليست بخطيئة بل هو طهور روح ،ثمة رياح تقلعنا من حياتنا في أي وقت لنكتشف مانحتاج إليه من حقيقة.. بعض الكلام يكون بمثابة عقارا عجيبا لذهول تتركه الحياة علينا حين يمر العمر ونحن نفتقد الكثير من الأشياء.لأكون موجودة يجب أن أشعر بالآخرين ،فعلا لقد كنت موجودة بأفراط حتى صار الموت بابا أحبه كما هي الحياة باب.
....
قمت بسرعة وخوف وحشرت تلك القصاصة ثانيا في الكتاب وأجهزت عليه بكيس ولففته بالشريط اللاصق ورميت به في أعلى المكتبة ،فكرت في حرقه وحرقها لكن النار أحيانا تحرر الأرواح الشريرة ، اكتفيت وجلست بصمت لأستعيد أنفاسي.
سأكون بمأمن من نفسي الآن كما أن الحب ظاهرة طبيعية فكان هذا الشبح المغرم هو أحد الكابحين للوحش في كتاب فرويد.
سمعت همسا في أذني "كفى قلقا حبيبتي ولتكن الأيام حلا لكل معضلة، لقد شهدت عصورا متتابعة فما رأيت ثباتا لشيء"

عن محرر المقال

Unknown

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مجلة دار العرب نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد االمقالات أول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

مجلة دار الـعـرب الثقافية

مجلة عراقية . ثقافية . أدبية

احصاءات المجلة

جميع الحقوق محفوظة لمجلة دار العرب الثقافية - تطوير مؤسسة إربد للخدمات التقنية 00962788311431

مجلة دار الـعـرب الثقافية