سيوف خشبية
للقاص : علي السباعي
إني سيءُ السمعةِ للغايةِ أكثرَ من كلِ الناس ِ ، تعلّقتُ بذيل ِ حمار ٍ
ودخلتُ سَفينة نوح ٍ، فكانَ ليّ النصيبُ الأكبرُ من سيئاتِ الناس ِ ، رغم حقارتي ونذالتي
إلا إنني لا ادخلُ البيوتَ إلاّ مِن أبوابِها ، بإمكاني أدخالَ خَيْطي في كلِ نسيج
، أُجَمِّلُ القبيحَ وأقبّحُ الجميلَ ، كنت مبتلى في هذا الجانب ، بعضُهم يولَدُ
مُتَوَّجاً بالمال ِ ، وآخرَ محبوباً النساءِ ، وثالثٌ يزدان بالعِـلم،
فكنتُ مبتلى بسوءِ السمعةِ ، شَدَدْتُ الكلَ إلى ناعورِ السمعةِ السيئةِ ،
فصارَ يدورُ ، يدورُ بسيئاتِ بني الإنسان إلاّ أخيار الناس ِ فقد تحرروا من هذا
الناعورِ؛ وَسوَستُ في صدر ِ " هند بنت عتبة " فدربت وحشياً لاصطيادِ
أسد الله ، وسوَسْتُ في صدرِ " سَلْمِ الخاسِرِ " فَباعَ القرآنَ ليشتري
بثمنهِ عوداً يعزف عليه ، وسوست في صدر ِ " دوق وندســور " وجعلته
يتنازل عن عرش ِ أنكلترا كي يتزوَج المرأة التي احبَها ، حَرَّضْتُ " لوترك
" وليَ عهدِ النمسا ، فباعَ مُلْكَ النمسا كي يعيش حراً ، فوُجَد ميتاً فوقَ
صَدرِ بغيّ في باريس ، وسوست في صدر " محمد أنور السادات " فأمرَ "
عادل أمام " بعرض مسرحية " شاهد مشافش حاجة " ، فكانت قنبلة َ
الغاز التي أسالتْ دموعَ المتظاهرين ضد سلطتهِ ، وسوستُ في صدر سلفادور دالي ،
فأطال شاربيه وجعل منهما أحجية عصر السرعة ، أشعلتُ حروباً مروِّعة ًفي الشيشان
بذريعةِ ملاحقةِ جماعاتٍ أرهابية ، أنا مَثَلي كَمَثل الملاكم الذي لا يترُك كيسَ
الرمل ِ حتى ولوْ خَسِرَ عدة َ نزالاتٍ ، أنا " أبليس " كيسُ رملٍ من
أجل السيئـات ، أججتُ حروباً في البلقان كانت الأكثرَ قسوة ً وهمجية ً، عملـتُ
مجــازرَ مروعة ً فـي قـلــب أفريقيا بين قبائل التوتسي والهوتو ، وسوستُ في صدور
ِ التجارِ فأدخلوا تجارة َ " البالات " فَصِرْنا سلة َ مهملاتٍ لمخلفاتِ
الغربِ ، في أفغانستان وسوستُ بصدر ِ الملا محمد عمر زعيمِ طالبان فدمرَ تماثيلَ
" بوذا " في باميان ، ولم أقفْ عندَ هذا الحد رحتُ أؤلِبُ العالمَ عليهِ
فصار يتصورُ تدميرَ الأصنام على أنها مأساة ، أغويتُ وليَ عهد النيبال ، فقتل أباه
وأمه وسبعة َ من أفرادِ أسرتهِ وتخلّى عن عرشهِ من أجل ِ امرأةٍ ، عَمدْتُ قبل
أيام ٍ إلى صُنع ِ حربٍ باردةٍ جديدةٍ بين قطبِ الشريعةِ الدوليةِ وقطبِ الحضارةِ
الإنسانيةِ ، كان لي شعارٌ ارفعهُ ؛ لا أضاجعُ أمراة ً ولا ألتذ ُ بتمزيق ِ
بكارتِها في الحب ، لأنني لو فعلتُ ذلك لمُتُ في الحال ، ميقاتُ نهايةِ حياتي
ميعادُ موتي يبدآن بالحبِ ، وأكرهُ أن أموتَ طَوْعاً ، لــذا، قَرَرتُ
إيــجـــازَ سمعـــتـي السـيـئــة بـهــذه : التـبــــرئـــة *
((كثيرون من ادعّوا الإلوهية َ، وأكثرُ مَن ادعّوا النبوة َ، وكثيرون
وأكثرُ من كثيرين َمن ادعوا إن حبيباتِهم ملائكة ٌ، وسأدعي بأني الشيطانُ ، أو على
حدِّ علمي أنني هو : فما فضلُ كل ِ أولئكَ المؤمنينَ الذين يقومون بارتكابِ
المنكراتِ بأيديهم على كائن ٍ لا يفعلُ شيئاً بيدهِ ؟ كلُ ما يفعلهُ أنه : يُحرّضُ
، بالرغم ِ من كل ِ كفرهِ ، وبالرغم ِ من كل ِ أيمانِهم فهم ينصاعونَ إليه ، فما
فائدة ُأيمانِهم أذنْ ؟! أنا أُقِرُّ بقولي (( لأغْوِيَنَهَمْ اجمعين الا عبادكَ
المخلصين )) أنا لم أغوِ أنساناً مخلصاً على كل حال ، ولا انوي فعل ذلك قط ّ ، لأن
ذلك خارجٌ عن قُدراتي وسُلطاني، وكلُ ما فعلتهُ : هو أنيّ حرّضتُ أناساً أشراراً
أصلاً ، وحتى من غير ِ تحريضي ، كل ما فعلته هو إننـي كــنت .
***
·
التبرئة : وصية قد تركها لى صديقي المرحوم ( امجد طارق
النجار) طالباً مني كتابتها في قصّةٍ .

