كلمات الشاعر في المملكة العربية السعودية الشقيقة الاستاذ عبدالله الذيابي بمساجلة شعرية مع اخية الشاعر مسلم الحمر ( ابو مثنى ) / بقلم /الاعلامي حسين داخل الفضلي /مجلة دار العرب للثقافة والفنون / العراق /
بقلم /الاعلامي
حسين داخل الفضلي
مجلة
دار العرب للثقافة والفنون
/ العراق
في هذه الأبيات الرفيعة من المساجلة الشعرية بين الشاعر عبدالله الذيابي وأخيه الشاعر مسلم الحمر (أبو مثنّى)، يطلّ علينا الذيابي بلغةٍ متمكنة، وأسلوبٍ شعريٍّ أصيل، يزاوج بين جزالة المعنى وصدق العاطفة، فيقدم موقفًا شعريًا ساميًا يحتفي بالشعر وقيمته، ويجلّ فيه خصمه الشاعر، فلا هجاء ولا انتقاص، بل تقدير متبادل يليق برجال الكلمة.
يبدأ الذيابي الحببب بقوله:
> الشعر من معنى ومحراف
ماهو بسلعة بين بيع وشاري
في هذين البيتين تتجلى فلسفة الشاعر في نظرته للشعر بوصفه فنًّا أصيلاً مصدره المعنى العميق والإلهام الصادق، لا مجرد سلعة تُباع وتشترى. فالبيت يحمل نقدًا ضمنيًا لسطحية بعض النتاجات الشعرية الحديثة التي افتقدت الروح والصدق، مؤكّدًا أن الشعر الحقيقي لا يُقاس بالشهرة أو المال، بل بما يتركه من أثر في النفوس.
> لو ان ماله محكمة عدل وانصاف
مافيه شك ان قبل للنفوس باري
هنا يربط الذيابي الشعر بالعدل والحق، فيشبّه منصف الشعر بمن يحكم بين الناس بالحق، ويقرّ أن الشعر الذي يلامس القلوب صادقًا هو الذي "يقبل للنفوس باري"، أي يبرئها ويطهرها كما يفعل البلسم بالجراح. في هذا التصوير عمقٌ بلاغيٌّ جميل يجسد رسالة الشعر في إصلاح الذوق والنفوس.
> وابو مثنّى تفتخر فيه الأسلاف
مادام رايه فيه فكرا وزاري
وفي هذا الختام الرفيع تتجلى شهامة الشاعر وأدبه الجمّ، إذ يمدح خصمه في المساجلة، ويعترف بمكانته وفكره، فيجعل من المفاخر الشعرية ساحة مودة لا خصومة، ويمزج بين الوفاء والإكبار، حتى ليغدو الشعر هنا وسيلة تآلف لا تنافر.
إنها قصيدة تنبض بروح الأصالة والاحترام، وتكشف عن شاعرٍ يحمل رؤية صافية للشعر وأخلاق الفرسان، حيث يعلو الإبداع بالصدق، وتزدان الكلمة بالمعنى لا بالضجيج.