أبناء النار !
هي اللغة الوحيدة التي يجيدها الكثير من البشر،على اختلاف أديانهم، وألوانهم ،وأعراقهم، وبلدانهم وأجناسهم، في أرجاء المعمورة بخراب المتحدثين بها! فذلك الملاك الذي كان في الجنة، يمارس أستاذيته عليهم، عن جدارة أهلته لأن يكون الانعكاس الأمثل للعنة الله... لأنهم اللعنة الماحقة لمصالح الأمة في كل زمان ومكان! نعم، ذلك الملاك الممسوخ صار معبودا، فاضل بوقاحة مباشرة أمام خالقه ب ( أنا)، ثم بكل فعل لا يقبل التفاضل! ومنذ أن تحدث بتلك اللغة وحبال غوايته تصطاد رواد مدرسته الخاصة من بني آدم، بإغراءات وعروض وامتيازات، تميز غيظ جهنم منها كل لحظة.! براعته في التسويق والإعلان، جعل من مدرسته أكاديمية عالمية الفروع، منبثقة من مقرها الرئيسي الجحيم، ويتكاثر عدد المنتسبين لها بشكل لافت الانحدار، جاعلا من لغة ( الأنا) شرطه الوحيد للقبول! فتخرجت ومازالت تتخرج ملايين الدفع من المخلوقين من نطفة قذرة منحدرة من الصلصال المطبوخ بالحمأ المسنون، وإلى نار السموم، مادة خلق ذلك الملاك الذي مسخ إبليسا، لتكون مادة تعذيبه ومن أغوى وبخلود حرمهم كل حق في التفاضل.! فمذ : ( أنا خير منه) (أنا ربكم الأعلى) ( أنا خير أم هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين). ومخرجاته الإبليسية تتنوع، وتتجدد وتتناسل من رحم العجب والكبر والغرور والأثرة... بتضخم وتورم ذاتي النزعة حد الاختمار المفتون بحب الذات، فتعطبت كل الجهات، ومرضت الروح من شراهتها، لتذوب في سعيرها كل الحقوق والمصالح العامة للبشر، ويتفحم كل تميز، وفضل، وحق لآخر... إغراءاته المادية المجانية المثيرة للشهوة، سال منها لعاب من كنا نظن أنهم الأرشد والأكثر فهما وحكمة، فاستل أرواحهم بمهارة نزغه المتقن، وصيرهم هياكل فخارية جملها بعباءة موشحة بالطهر والصلاح، تتوارى خلفها غفلتهم، وظنت أنها تحسن صنعا! قربهم منه،وعدهم ومناهم بجنة الخلد التي تقع في الدرك الأسفل من النار... كيف لا؟ وقد ابتكروا ( الأنا الجمعية) وهذا مالم لم يخطر بباله قط! فأوجدوا : "أنا" السياسة، والمذهبية، والطائفية. "أنا" الدينية، " أنا" العنصرية ومن أناتهم وأنانيتهم الجمعية، أنّات وأهات بلا حد ولا عد ولا انتهاء، تصطلي أصقاع النفوس الدامية التي لا تحلم بأكثر من أن تعيش بحقوقها الشرعية، أوالمكتسبة وفقا للبعد الإنساني القيمي الكوني. تلك الأنات الثلاث تلعن بعضها، تقتل بعضها، تكره بعضها، وكل واحدة ترى أنها الحق والأحق في كل شيء وما عداها مرفوض وغير صالح للعيش والحياة، وقيادة نطاقها الجغرافي... أنها اللعنة ولا شيء غير اللعنة! يا ألله! "إبليس" تغير! بدأ صراخه يسمع ! (إني بريئ منكم، إني أخاف الله رب العالمين). وهم كما هم، أدمنوا " الأنا"، عاثوا في الأرض فسادا، رطبوا باطنها بالدم والدمع، وصل بعضهم، ل " أنا" المتألهة...! قطعوا رؤوس الورد والزهور، صلبوا الأحلام بين حاضنات الفكر المبتور، تعفن الكون بروائحهم الكريهة، أطرقت (نرجس) رأسها خجلا، وهم يرمون بكل نقائص علوهم وتعاليهم عليها، جاعلين منها أكاديمية أخص! لذلك لن يشعروا أن الطوفان ينتظر، على ساحل موسى كل فرعون... والقيم الإنسانية تدرك أن " نرجس" ما رفعت رأسها منذ أن سألت جذورها لمَ لا تحبين الظهور؟! #
نجيب صالح طه ( أمير البؤساء)_ اليمن.