قصّة قصيرة:
على الرصيف واقفة تحت جمر الاستكانة... الصقيع يرقد بين نهديها والليل القادم، كسابقيه، لا يحمل في جرابه بذور أحلام...تبحث عن دفء في عيون تخترق بقايا الغروب وتمتدّ إليها بإلحاح... النظرات قناديل شهوة تنير جسدها...لا أحد ينصت لحديث ذاتها...
مخالب الاستعباد تراقبها عن كثب...الويل لها إن غابت ابتسامتها أو كست وجهها سحابة شكوى...عليها أن تسقي الرغبةَ ندى أنوثتها...تقضي حاجة المكبوتين...تقبض ثمن هزيمتها واستسلامها ليفتكّه " حاميها" ذلك الشاب الذي أحبته وتحدّت والدتها وهربت معه على أمل الزواج...لكنّه تحوّل الى وحش يسترزق من جسدها...الويل لها إن هي أبدت رغبة في ترك الرصيف أو فكّرت في الإفلات من قبضته...
تتوقّف سيّارة على بعد أمتار... تتجّه نحوها بتثاقل...يُنزل السائق زجاج النافذة...تنحني لتكلّمه وتحدّد ثمن خدماتها...
تتراجع خطوات إلى الوراء...يتعالى صراخ السائق...يضرب بهستيريا على المقود...يخترق صوت المنبّه الفضاء...يهرع إليها " حاميها"
مستفسرا...تركض بعيدا عن السيّارة وهي تصرخ:
- أبي...إنّه...إنّه أبي...لم أره منذ الطلاق...
م.فتوح
تونس
