-->
مجلة دار الـعـرب الثقافية مجلة دار الـعـرب الثقافية
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

* الانفجـار العظيـم>> جمـال الشمـري

 * الانفجار العظيم

قصة قصيرة

بقلم الأديب: جمال الشمري



- بعد شهرين فقط، سيكون الكويكب الصغير في أقرب نقطة، واحتمال ارتطامه بالأرض أضعاف ابتعاده.
هذا ما تناقلته الأخبار العالمية وأكدته قنواتنا المحلية.
عيناي كعيون باقي القرية، باتت تشخص نحو السماء، تبحث عن ذاك الكويكب القزم،
وهو يقترب منفلتا عن مداره، كالمجنون.
أكبر أخوتي مع بقية الشبان، أكدوا رؤيته في وضح النهار.
لم يعد احتمال رؤيته يقتصر على الليل فقط.
حالة من اليأس بقناع الزهد والورع تكتسيني، لتهرب من روعها أي بهجة للحياة.
تغلق مضافة المختار بعد حين،
فلا وقت تبقى للمسامرة والسهر،
وحده صوت الأذان يجمع شتاتي.
ليستقبلنا إمام المسجد بابتسامة عريضة، فيلهب مشاعري بآيات قرآنية ونذير.
اعتكاف المختار في داره، ورحيل موظفي الحكومة ، أفرغ القرية إلا من الخوف
- إذا كان لابد من الموت، فليكن بين الأهل والأبناء.
قالها رئيس المخفر نيابة عمن هرب
أدار ظهره ورحل أخيرا، وعلى وجهه علامات دهشة ورعب العالم بأكمله.
تنفلت عقارب الوقت مسرعة، رغم هرولتها نحو الفناء، ليتبقى لليوم المشؤوم نذير شهر أو أقل.
تركنا الكل فاستفرد بنا الشيخ،
ألهبتني في البدء خطبه، لكن سرعان ما ألهب ظهور أهل القرية بسياطه، وهو يقيم الحد على من يخالف فتاواه.
ما زاهد دهشتي، أن من طرب لكلامه حول إقامة " جنة التوحيد" في الأرض
- ولو تبقى للعالم يوم واحد - ،
بات خازنا لبوابات جحيمنا الآن.
أسبوعان فقط، كانا كافيين لأصبح كغيري،
من عصور أخرى غابرة سحيقة وآفلة.
كزاهد بائس، بت الآن، رغم شغفي بالحياة، وتم أسري بزي وملامح لا تشبهني في شئ.
لحية محرم عليها التشذيب والقص، وجلباب قصير نوعا ما، بعد تحريم لباس الفرنجة والكفار !
فقط المختار استطاع الهرب من سطوتهم، ليعود جثة برأس مقطوع، بعد أن أمسكه شيخ القرية المجاورة.
كثرت الرؤوس المقطوعة بعد التجسس على انفعالات التذمر والتمرد، وحالات العصيان.
كان العقاب مروعا جدا حتى على الإناث اللواتي هجرن البرقع، بعيدا عن أعين الشيخ.
كنت من القلة التي نجت، بعد هروبي برأسي نحو مزرعة بعيدة عن شكوكهم واتهاماتهم الباطلة.
كان أخي الأكبر أحد ضحاياهم،
أخبرني ابن عمي بذلك، وكيف تحداهم، وأعلنها صرخة حق أمامهم
- هل كنا كفارا قبلكم.
علقوه جثة أخرى، مثلوا بها حتى محوا ابتسامة التحدي التي سخرت من نفاقهم.
فاحت رائحة الموت والمذلة في القرية بأكملها.
مشاهد مقززة مخيفة، تم تسريبها في مقاطع فيديو، لم أشاهدها في أقذر وأكثر الأفلام رعبا.
اعتزلت حياة تقترب من جحيمها الموعود، بعد أن قتلوا وسرقوا واستباحوا طهارة أعز ما أملك.
لم أتوقع بشاعة للحياة بهذا الشكل يوما .
يرنو بصري باتجاه سماء ممتدة، حيث هرب الحلم هناك.
أفق بلا حدود ولا حواجز ولا متاريس ولا تكفير.
ألهج بالدعاء
- يا رب ، الخلاص الخلاص...
أقصى أحلامي الآن قيامة عدل تسع الجميع.
يلتمع أخيرا في الأفق نجم لامع كبير
تشتعل كتلة عظيمة من نار،
يعقبها نور يخطف الأبصار
زلزلة أعظم، دكت الأرض بمن فيها
انفجار رهيب يدوي ، وثمة فرحة مرسومة تغفو أخيرا، على وجوه من تبقى من قرية أرهقها الانتظار.


عن محرر المقال

صديقة علي

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مجلة دار العرب نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد االمقالات أول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

مجلة دار الـعـرب الثقافية

مجلة عراقية . ثقافية . أدبية

احصاءات المجلة

جميع الحقوق محفوظة لمجلة دار العرب الثقافية - تطوير مؤسسة إربد للخدمات التقنية 00962788311431

مجلة دار الـعـرب الثقافية