ناي ليلة عاصفة
__________
بدأ العالمُ يتداعى في رأسي
مثلَ قشةٍ في مهبِّ الريحِ..
الحزنُ يقلّمُ أظافري..
وأنا أبحثُ عن مدينةٍ في مدينةٍ!
قضَمَ الليلُ صوتَ الفجرِ
والريحُ القديمةُ تصقلُ وجهيَ
في ليلةٍ عاصفةٍ
فيها الكثيرُ من الدهشةِ
والألمِ العظيمِ..
فراغٌ كبيرٌ في السماءِ
تتدلى مِنهُ صدورُ الأمهاتِ
يتساقطُ حليبٌ أسودَ
يُطعِمُ آخرَ العناقيدِ
المتواريةِ عن الأنظارِ
في مقبرةِ الأحياءِ..
ليلةٌ عاصفةٌ
سماءٌ مجنونةٌ
أرضٌ تبتلعُ النخيلَ
نهرٌ يركضُ إلى مثواهِ الأخيرِ..
طيورٌ تنقرُ رؤوسَ الصبيانِ
شاعرٌ يلجُ القصيدةَ لينجوَ
يبحثُ عن نفخةِ نايٍ وموقدِ
حطبٍ..
يسألُ الناجينَ كأسَ خمرٍ
يُنشدُ الريحَ لفحةَ موتٍ
يدندنُ ترنيمةً كنائسيةً
يصحو وإذا بوجهِ الله !
حسين السياب