الفن التشكيلي إنصهار مع المطلق
الحبيب توحيد
أكريليك على قماش 80×60
الفن التشكيلي قادر على أن يحلق في فضاءات الكون لحد
الإنصهار مع المطلق و ذلك عن طريق الإشارة و الرمز و
الخطوط و الأشكال و الألوان و هو ترجمة لكثير من الكلمات
و الموسيقى الداخلية لمشاعر الفنان الذي يعيش انعكاس ما
حوله في داخله ليكون بذلك المتلقي الشديد الحساسية
للأحداث و الأفعال. فكل عمل فني يلد من رحم هذه الروح
المتفاعلة بشفافية و حب لما هو جديد و ممتلئ بالجمال.
الفنان التشكيلي يحاول مقاومة خطر موت الحياة و كل
إبداع هو مقاومة. و فعل المقاومة هو نفي الذات في العمل.
الفنان ينتج الجمال من أجل كبح سوداوية العالم الذي يلتهم
الإنسان فهو يقاوم الموت من حيث أن الموت أرق الكائن
الأبدي و الأزلي و ما الحياة إلا هروب من الموت و الفن
مقاومة له.
مقاومة الموت تستدعي القبض على اللحظة و اقتناصها. و
هذه هي الغاية التي يتوجه إليها العمل الفني أي القبض على
اللحظة و جعلها دائمة و إزالة كل ما يلتصق بإدراكنا
بخصوص أرق الموت. إن العالم ليس ما نراه بل إنه اللامرئي
و العمل الفني هو تشفير للعالم بحيث يصير اللامرئي مرئيات
و هذا يتطلب تجاوز المعايير المتعارف عليها.
الفن لا يسعى للتعبير عن معرفة ما ، فهذا غرض العلم بل
يسعى إلى الكشف عن اللامرئي و الإمساك به فالعالم يسير
إلى العدمية و قلب كل القيم و الفن ما هو إلا وسيلة لتحقيق
التغيير الجدري....................