قراءة محلقة في نص ( تلفتَ مثل سحابة ) للشاعر العراقي عادل قاسم
الناقدة والشاعرة . مرشدة جاويش
حين نرغب الدقة في فهم نصاً ما وكي نقع على أسراره فعلينا استنطاقه واثارة الأسئلة حوله ثم محاولة البحث عن إجابات لتلك الاسئلة في عمق النص لا من خارجه اطلاقاً ((اي اسقاطات القاريء على المقروء )) وعندما قرأت النص بمفاصله الثلاثة استوقفتني تلك الشخصية الاساسية فيه بكل المقاطع أي محور القصيدة هو ذاك الرجل المنهك اخذ مساحة واسعة من الحضور باللقطات التي نفث في ( روح النص ) صدى حياة تضج بالألم المتدفق المتفاعل مع محيطه بالانصهار ( ينفث / يحدق / يتفقد / إلخ ) وخاصة بالمقطعين الاوائل أما المقطع الأخير يصب معهم لتكملة الحصار الموجع والانكسار
لذلك نحن هنا بحضور أدبي لنص له انتقالةً محورية انعطفت بنا إلى حالة النضوب الانساني المحزن والتداعي والانقطاع عن كل إحياء
والضياع والتبعثر بين منافي الحياة ( حقائبه المحترقة / يسير بخيلائه المنكسر إلى مراكبهم ) وهذا ما رسم المبدع ملامحه مفردات نازفة
( محترقة بالقحط/ زوادته المتعفنة / جرح عتيق / نزيف يستعر ) إلخ
بدلالات صوتية شبه معدومة لتعميق الاحساس بالخواء الحسي والوحشة المثقلة والانعطافة كانت نحو تلاصقه مع من مثله من البؤساء
وهو كل مايسعى اليه للشعور بالبقاء برغم رثة الأحوال ويحمل معه في وجدانه كل وجعه كملاذ يهرع اليه ليعيد إليه ( أمانه المسلوب و انتسابه لذاته المصادرة بهذا الاحتكاك المحيطي
وهذا ما برع الشاعر برسم ملامحه بإستحضار مفردات تتفق مع انغماسه مع اؤلئك المجانين ( تشيع خطاه المتخشبة بقايا من دخان وفصيل من المجانين يرتدون مآزرهم )
وهو رمز للذات البائسة المغتالة وما تلاه من صور ماقبلية يتداخل فيها الزمن ماضوية الحاضر وحاضرية الماضي كي يعطي ابعاداً معنية لتوصيل الفكرة بالاثراء الذاكراتي والمعالجة الشعرية لهذا الإستحضار نجده ابتدأ ب( تلفت) اشارة للسرد عن شيء ما للفت القارئ للتدليل على حيوية الانفعالية الحسية به إننا امام نص بانارومي الشكل والمضمون غني بالاشارات يغري بقراءته لمرات عديدة للاحاطة بأسرار مقاصده تقديري سيد المعاني وأنت تعطي دوماً لنصوصك واقعيتها واستحضاراتك المعرفية
مودتي
النص
،،،،،
تلفتَ مثل سحابة
حُبلى بالآلامِ
ينفثُ الجَمرَ من غُليونهِ
الذي أكلتهُ السنونُ العِجاف
يُحدقُ .
كأي رمةٍٍ تستعجلَُ الرَحيلَ
للخلاصِ من إحتشادِ
جَمهرةِِ القُططِ والكلابِ
على ظلِّهِ المُنْحَني كقوس
قُزح
2
مُسافراً
كصقرٍ أصابهُ الرًمد
يتفقدُ زوَّادتهُ المُتَعَفِّنة
بالرَمادِ،،
حقائبهُ
المُحترقةُ بالقحطِ،
تشيعُُ خطاهُ المُتخشبةُ
بقايا من دُخانٍ
وفصيلٌ من المجانينِ الذين
يرتدونَ مآزرًهم المُرتقةِ
بالحرائقِ
يسيرُ بخيلائهِِ المُنْكسرِ
إلى مراكبِهم
التي تتأرجحُ على حافةِ
جٌرحٍ عَتيق
3
كمنارةٍ هَرِمةٍ
آيلة للإنكسارِ
ترتجفُ من الوحشةِ
إذ تحيطُ
النكساتِ بظلالِِها
التي تراكمتْ الديدانُ
على نوافذِِها المُشرعة
على نزيفٍٍ يستعرُ
