"قراءة ميتاسردية بقلم أسامة الحواتمة/الأردن، للقصة الساخرة "سيامي" للقاص والناقد السوري د.زهير سعود
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
النص قصة قصيرة جدا:
سيامي
مذ قرأ عن أبي هريرة دخول امرأة النارَ بهرّةٍ.. وهو يطعم القطط، ويجوّعُ الناس!...
زهير سعود/سوريا
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
القراءة:
سيامي
دَخلَ فناءَ "قصرِ الكريستال" متجنبا المعالق الخشبية والصحون الفارغة للجموع المتجمهرين حول القصر.. وبعد جدال شديد مع الحرَّاس... فهموا منه، أنه "إدوارد" أخصائي تربية القطط الذي طالما بحث عنه القنصل "أوين جولد"...
وَثَبَ القنصلُ من مخدعه إلى الشّرفة: -أدخلِوه، أدخلِوه.. وأَبعِدُوه عن تلك الحشود.
مَثَلَ أمامَه "إدوارد"، وطمأنه القنصل ألا يرتبك ولِتهدأ ساقَاه من الارتعاش.. جلس الأخصائي وهدأ بعد فراغِه من المائدة وشُربِِ كمايات كبيره من الماء..
-ماذا تريد يا سيدي أنا بخدمتك؟
-ألم تنتبه إلى ذلك القط الذي كان بجواري على المائدة؟
-نعم، لقد رأيته هو بالتأكيد قط جميل جدا؟
-لا تجاملني أيها الـ... أعرف أنه جميل، لكنه لا يروق لي كثيرا، رغم أنه هدية لي من "ملكِ سيام" عندما كنت قنصلا في "تايلند"، ومنذ ذلك الوقت وأنا أفكر في تربية القطط، لكن، ألَم تنتبه لرأسِه؟
-نعم، وَ لديَّ الحل فقط أخبرني، ما الذي تريده؟
-أنا لا أحب رأسَه المستديرة، وأيضا ماذا لو كان برأسٍ مثلثة وبعينين لوزيتي الشكل زرقاوين وبأنفٍ طويل، مثقول اللَّون كأنه يرتدي قناع على وجهه وأذنيه، وساقاه والأقدام مُغَلَّفة بكفوف مزخرفة طويلة لا بل كأنها جزمات ثمينة،
ولا تنس أن يكون ذيله ممتدًّا بشعر قصير ليبدو كعجل البحر بين الأزرق والرمادي الغامق، وبطنه.. بطنه أبيض ثلجي وظهره كمعطف عاجي مثلَ شيكولا فاخرة، والظلال كلها بين الألوان كأنها مُزَجت بحليب ثلجي... وَ أَحبُّ أن تكون طباعه حادة وحساس و ردَّاتُ فعله لا يمكن التنبؤ بها.. وأنثاه، نعم، أنثاه أريدها خصبة ولودة، ولا يحب أن يشاركه أحد في علاقته مع صاحبه، وشرساً جدا تجاه القطط الأخرى... (¹)
وبعد تجارب عديدة وتزاوج بين القطط وتلقيحات كثيرة قام بها الأخصائي من ذلك القط، لم تكتمل فرحة القنصل ورغم نجاح كل المواصفات التي كان يحلم بها إلَّا أنَّ توائم القطط المولودة كانت متلاصقة!
بدأ القنصل يندب حظه المنحوس ويثرثر أنه يحب القطط ويُحسنُ إليها كثيرا... -كيف لي أن أكون مثل "أبي هريرة" ذلك العربي الشهير الذي قرأت له في كتب حضارتهم التي طالما اتكأنا عليها منذ نهضتنا.
واسى القنصلَ و وَعَده بتجارب أخرى ناجحة، ولكن "إدوارد"،
سرعان ما تذكر جُموع الجوعى في فناء القصر...
أسامة الحواتمة/الأردن
---------------------------------------------
(¹): الوصف منقول بتصرف من ويكيبيديا".
____ __^^^_^^^^^ __^^
تعقيب للدكتور زهير سعود
"تفجير من العيار الثقيل، ومفاجأة سارة للحديث في الميتاسرد. يجب أن يدوّن هذا العمل الإبداعي في التقاطعات السردية التناصية والتراثية والقصصية للكاتب الملهم الأستاذ أسامة حواتمه. نحن إزاء فعل تفكيكي وتوليدي للميتاسرد، فمن الملاحظ في التقنية الأسلوبية الجديدة فكرة التداخل النصوصي والتبئير السردي باختلاف المنظور، حيث انكسر في ضوء الكتابة الجديدة التوالي التعاقبي والسياقي مقابل تكريس فكرة التمركز الذاتي في الكتابة، وفي تناص السرد الجديد عمد القاص إلى كسر الإبهام السردي بعد رؤيته للبنيات المتداخلة والمتوازية، واستدعاء وظيفة التقنية البولوفينية(تعدد الأصوات) وفعل تشظي الراوي إلى رواة داخليين، واستدعاء أصوات الشخصيات التاريخية والشيفرات المولدة لمستويات متعددة ومتنوعة من المعاني والدلالات والأصوات. فمع النصّ الموازي نتأمل طبيعته الخاصّة وعلائقه مع النصّ المجاور والملازم".