هل ثمة َ أعشاش تحتضن أبناء العراق من العقول المهاجرة ؟ نموذجا ً .. الفنان د. مقداد مسلم
إستبرق عزاوي – ديترويت
على مدى عقود من الزمن توالت موجات الهجرة في العراق بسبب ما حل به من أزمات وحروب وحصار وغزو وحتى هذه اللحظة مازالت فكرة الرحيل عن العراق واللحاق بركب المهاجرين تراود الكثير من أبناء وطننا لأسباب معقدة ومتشابكة و معروفة لدى الجميع . ولأن فكرة العودة الى أحضان تتوهج وتخبو بين الفينة والأخرى في أذهان الكثير من أبناء العراق من المهاجرين وهي حق مشروع لهم بيد أن ما يحصل لا يشجع الكثير على العودة بسبب تقاعس الجهات الحكومية عن أداء دورها في التعامل أبناء العراق سواء في الداخل أو الخارج
ولعل ما دفعني للحديث عن ذلك هو ما يواجهه الفنان د. مقداد مسلم من صعوبات بالغة وهو يحاول الحصول على حقوقه التقاعدية وفق القانون العراق بوصفه أحد المواطنين العراقيين الذي خدموا في مؤسسات الدولة العراقية لفترة زمنية تتيح له ذلك الحق ، الى جانب خدمته في جامعات عربية كأستاذ لمادة المسرح وكفنان مسرحي له مشروعه الابداعي والبحثي في إطار ورش التجريب التي تبناها منذ فترة السبعينيات حيث كان مهتما بالنشاط المسرحي الطلابي الذي يعد المَعين الاول الذي منه تنبثق المواهب الفنية ، وينتمي الفنان د. مقداد مسلم للجيل الذهبي للمسرح العراقي الذي إمتلك مشروعا ً مسرحيا ً حاول من خلاله إشراك الجمهور بمختلف شرائحه للقدوم لقاعات المسرح لمشاهدة العروض المسرحية وفق مبدأ المسرح للجميع وليس للنخبة وقد إهتم بتقديم بعض العروض الشعبية ذات المضامين المهمة والتي تخاطب شريحة واسعة من المجتمع ، بيد أن مشروعه التجريبي الحداثي ظل فاعلا ً من خلال المؤسسات التعليمية والفنية ومنها منتدى المسرح الذي تولى إدارته الفنان د. مقداد مسلم في فترة الثمانينيات ، تلك المؤسسة المهمة التي فتحت الباب لتقديم تجارب مسرحية متنوعة ذات طابع تجريبي الى جانب إحتضانها لمناسبات ومهرجانات مسرحية .
وشأنه شأن ملايين العراقيين الذي غادروا العراق للأسباب التي ذكرناها في سياق هذه السطور ، حط فناننا المتميز مسلم رحاله لتونس التي إستقبلته بحب وحنو حيث وضع لبنات مشروعه المسرحي في أكثر من جامعة ومعهد ولازالت قاعة ( مقداد مسلم ) في معهد الكاف المسرحي في تونس شاخصا ً على دوره الفاعل في تخريج الكثير من طلبة فن المسرح في تونس ، الى جانب نشاطه البحثي الذي تجلى في صدور كتابه الذي يحمل العنوان ( زوايا المسرح ) وهو عبارة عن دراسات وأبحاث . وهو يرى في عنصر التجريب فرصة لتنشيط وتفعيل إمكانية الفنون وجمالياتها . وقد توجت جهوده الفنية والبحثية بنيله عدة جوائز وشهادات تقدير عن جهوده الابداعية المتنوعة .
الآن وهو يعود الى حضن وطنه بعد غربة إمتدت لعقود يصطدم بحواجز عدة وهو يحاول نيل حقه التقاعدي إستنادا الى القانون حيث الشللية والبيروقيراطية والتقاعس الذي بات السمة الغالبة على معظم موظفي الدولة الذي يعملون في مختلف القطاعات ، ولطالما شاهدنا تذمر الكثير من المواطنين في العراق من أداء دوائر الدولة التي تعج بالفساد والمفسدين والضحية هو المواطن الذي يسعى للحصول على حقوق وفق مواد القانون ، وهذه دعوة للمعنيين بالاهتمام بقضية الفنان د. مقداد مسلم وبمختلف قضايا المواطنين العراقيين الذين ضاقوا ذرعا من روتين وبيروقراطية الاجراءات الادارية المتبعة من قبل الكوادر الادارية التي أدمنت الفساد والمحسوبية .