رحل عنا إلى دار البقاء الفنان خالد شقور
الحبيب توحيد
منذ يومين رحل عنا إلى دار البقاء الفنان خالد شقور الصديق و الأخ الذي عرفته منذ أكثر من أربعين سنة .
لم يكن هناك من أفق أمام خيال الفنان الراحل في أعماله الفنية أكثر اتساعا و خصوبة من المرأة ، فهي بالنسبة له المجال الذي تتوالد منه المعاني و الأفكار و هي المنبع الذي يعد دائما بالجديد كلما أعاد المرء الإبداع، و لو من مدخل ذاته .
هذا الفنان خاض رهانه على المرأة حيث يمثل تمردها ، و هيى عوالم في ذاته أدركها مشاعره ، هي ، ذات المقام الرفيع لديه ، هي الام و رفيقة الدرب ، الإبنة و الحفيدة و الزميلة ، فضلا عن نماذج كثيرة قد لا نعرفها ، لكنها تؤثر فينا من خلال الذاكرة البصرية التي سجلتها لحظات خاصة في حياتنا .
الفنان الراحل كان منفردا في تفاصيله الشديدة الأصالة و الإنتماء إلى موروث البيئ و الثقافي و التي تعنى بالمضمون و المغزى الروحي و الوجداني ، عند تعاطيه المتميز مع المرأة و قضاياها ، إذ يتناولها من جوانب شديدة الخصوصية ، حيث معاني الحب و الدفئ و الحلم . ففي عالم هذا الفنان الذي كان مفعما بالطاقة و الأمل و الإبداع ، عبر مسطحات تبرز حساسية في توظيف الشكل و اللون و الظل و الرمز ، للخروج ببناء تشكيلي فريد متناغم .
تتسلل الانوثة إلى تشكيلات المرحوم من نبض الطبيعة الأم، و رحم الوجود كما يستكشف مفاتيح عالمها الداخلي من خلال الحوار الحي النابض بين الأضواء و الظلال و فيه تتخد ملامح المرأة أبعادا سحرية و كأنها خيالات تهبط من السماء أو تسبح في فضاء محملة بجغرافيا تاريخها خصوصا ذلك المتعلق بنساء عاديات و شعبيات .
المرأة عند هذا الفنان كانت تارة ساحلية تقف بجوار البحر أو في الطبيعة بملابس شعبية لكن روح الأسطورة و السحر تنقل ما هو حقيقي إلى ما هو إفتراضي في مخيلة الرائي و تتأرجح القلوب بين الأمل و الألم ، فيما تصرخ الألوان متمردة كأنما تترجم لغة الوجود .