-->
مجلة دار الـعـرب الثقافية مجلة دار الـعـرب الثقافية
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

عين على الجريمة ... في رواية وكر السلمان للكاتب و الشاعر العراقي شلال عنوز

 عين على الجريمة

في رواية وكر السلمان للكاتب و الشاعر العراقي شلال عنوز

بقلم / أ . أحمد اسماعيل / سوريا




يعتبر أدب الجريمة أو قصة التحري، أو لغز القتل، أو رواية الغموض أو الرواية البوليسية، وصفا لمصطلحات الروايات التي تركز على الأفعال الإجرامية، و خاصة على التحقيق، و تكون المادة الدسمة فيه عادة ( القتل ) أو ( القتل المتسلسل).
و يكون الخيال فيه ملح الحوار الذي ينكهه الغموض بالدهشة و الانفتاح ليكون التشويق هو الوتر الحساس الذي يمسك الكاتب به حواس المتلقي.
و هذا ما دأب عليه الكاتب في آلية السرد.
البداية كانت مع لحظات تأنيب الضمير للقاتل في الحافلة، حيث يخيم عليه الشرود، و الإنغماس في الذكريات اللذيذة لمن يحبهم نعمان، ثم الإنعطاف إلى ذكريات الحرب و التي من خلالها يفتح مسارا للجرائم المتسلسلة التي يقوم بها،
و التعريف بمسرح الجريمة ( وكر السلمان )
ثم كيفية استدراج ضحاياه إلى الوكر الشيطاني المظلم.
و هنا لابد من الإشارة إلى دور القطة السوداء و الحركات التي كانت تقوم بها قبل و بعد كل جريمة في نشر عدة إحساسات أهمها الخوف و الفضول و التشويق،
فالقطة كانت تمثل النصف المليء بالخير لنعمان، و التي كانت تحاول أن تمنعه دائما من إرتكاب جرائمه،
و حالة التخبط التي أصيبت بها بعد صدمتها من مشاهدة نعمان و هو يقتل حبيبته سناء بدون أي رحمة،
جعلها أحد أهم الشخصيات في السرد لأمرين هامين
الأول: هي الوحيدة التي يفصح لها نعمان بمدى ألمه و عذابه بعد كل جريمة لأحبائه و اصدقائه،
ثانيا:هي من أرشدت الشرطة لمسرح الجريمة وكر السلمان.
و الرواية هنا تؤكد فكرة عدم وجود الجريمة الكاملة رغم أن نعمان درس الحقوق و كان من الأوائل على دفعته، و الدكتور المشرف على رسالته كان يرى له مستقبلا باهرا .
آليات السرد التي جعلت الرواية تكتسب عنصر التشويق
1- الولوج إلى الحالة السيكولوجية و النفسية للقاتل نعمان قبل الحرب و بعد الحرب و بمعنى أدق قبل الإعاقة التي أفقدته رجولته وبعدها
2- الولوج لبيئة القاتل و الإشارة إلى كيفية جريان الفكر البدوي أو القبلي في دماغه المتعطش للثأر و الدماء جنبا إلى جنب مع مشاعر التحضر و التمدن المكتسبة .
3- الولوج إلى فكرة الإعاقة و الحالة النفسية التي تطرأ على الشخص من خلال التفكير بأنه سيخسر من يحب و صعوبة تصوره لحياتها مع شخص آخر.
4- الولوج إلى عالم الحروب و مشاهدة آثاره الدموية بين اللحظة و الأخرى و كيف ينمو حينها صراع البقاء.
5- الولوج إلى فكرة الحرص الشديد بحكم أنه درس القانون بالابتعاد عن كل ما يجعله قريبا من أهل القانون.
6- الولوج إلى فكرة الغفلة الناتجة عن الحرص الزائد
وتفكيره فقط بالذكريات و متابعة مسلسل الدم الذي بدأه،
فهنا تتجمع عقدة السرد، حيث رحمة و هيام صديقتا سناء أصبحتا محققتان، و محمود الذي كان ينافس نعمان على حب سناء يصبح قاضيا،
و ابن عمه الذي كاد أن يكون أحد ضحاياه، الضابط الذي يسعى للقبض عليه و في داخله أيضا صراع الرضوخ للقرابة و الوظيفة التي أقسم على أداءها على أكمل وجه.
7- الميزة الأهم التي منحت السرد طابعا مختلفا من الجمال هو الإشتغال على فكرة ثقافة القاتل و الجو الشاعري الذي يمنحه للسرد بعد كل جريمة، فالقصائد و الرسائل التي كانت ضمن لغة السرد و التي كانت بدورها تأخذ لونا من ألوان السجال الشاعري النابض بالحب و الغزل و الشوق و الحنين
هذا الشيء بالذات كان من يخرج المتلقي من حالة الرعب و الخوف بعد كل جريمة، و يجد فيها لذته و مبتغاه، خاصة أنه كان ينتقل إليها واصفا معالم بغداد و غيرها
بالإضافة إلى جو الندم الذي يعيشه و الذي يفقده الوعي بعد كل جريمة.
ما الرسائل التي تركها الكاتب للمتلقي؟
1- الحب لا يحدد نهايته طرف واحد و هذا ما دأب إلى إيصاله من خلال محاولات سناء في ثنيه عن الجريمة البشعة التي كانت هي ضحيتها
2- الحرب دمار للشعوب و الإعاقات هي الشاهد الأكبر على الخسائر مهما كان الإعلام يروج من نتائج الانتصارات
رواية ممتعة و مليئة بالحوارات المتنوعة التي تستفز المتلقي بتناقضاتها بين الدراسة و التخرج و الصداقة و الحب و الحرب و عالم الجريمة البائس.
ترفع القبعة لكل هذا الجمال أ. شلال عنوز
بقلمي أحمد اسماعيل / سوريا

عن محرر المقال

aarb313@gmail.com

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مجلة دار العرب نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد االمقالات أول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

مجلة دار الـعـرب الثقافية

مجلة عراقية . ثقافية . أدبية

احصاءات المجلة

جميع الحقوق محفوظة لمجلة دار العرب الثقافية - تطوير مؤسسة إربد للخدمات التقنية 00962788311431

مجلة دار الـعـرب الثقافية