عُصارةُ العطرِ الموشّى
نص / أ . عبد لله اللبي - السودان
الوردةُ التي تَشبهُ الوطنَ
الوطنُ الذي يشبهُ الوردةَ
فكرةٌ تراودُ أخيلَةَ الشّعراءِ
همّاً يُضاجِعُ وسادةَ الفقراءِ
حيثُ لا وردَ إلا الوطن
ولا وطنَ إلا الورد..!
خبِّري الأُمراءَ
خبِّري الحُكّامَ
خبِّريني لحظةً
عن زيفِ مرقاهُم
وهنيهةً تعبرُ بي
الي حيثُ مرقاكِ الحقيقةُ
والوجودْ..!
بعضُ البلادِ ورودٌ
وكلُّ الورودِ بلادٌ
فهل للفراشاتِ ورودٌ
وهل للبلادِ فراشٌ
وهل للفراشِ عروجٌ..!
أنا بعضٌ من شذى الوطنِ الكبيرِ
كُلُّ العتْقٍ أنتِ
عُصارةُ العطرِ الموشّى بالعبيرِ
نفاذُ رائحةِ الهُوية..!
ضمِّخي جسدَ انتمائي
من فوْحِ قارورِ العروبةِ
اجْعلي الياسمينَ
نسمةَ الصّدرِ الّذي يحتويني
شهقةَ النّيلِ
محتوى الدِّفءِالذي يعتليني..!
ساوريني عن يوسُفِها
قُدّي أقمصةَ البلادِ عن دُبُرٍ
حاشا للهِ ما تِلكَ أوطانٌ
بل سوحٌ من الحبِّ..والتَّقديسِ
والوجدِ الطّويلِ..!
عرِّي عُرى القلبِ النّبيلِ
أشْعِلي الفتنةَ
هل تبقّى للعروبةِ
بعضُ ماءٍ
يجعلُ الوجهَ نديّاً.. ؟!!
ذليلٌ ما أرى
كُلُّ وجهٍ كالحٌ
كُلُّ أُغنيةٍ حَزَنْ
كُلُّ ناصيةٍ جُمودٌ
فهل يا تُرى
هذي هويةُ العُربِ الفتيّةُ.. ؟!
ذلٌ من المحيطِ الي الخليجِ
تشبهُ الوردةُ نفسَها
يشبهُ الوطنُ الخرابَ
ضوِّعي العطرَ هباءً
ليسَ للكنارِ بلادٌ تُغنّى
ليسَ للشعراءِ مايحفِّزُ
للكتابةِ ..
لمنْ يُكتبُ الشعرُ..!
لأنهارِ الدِّماءِ وهيَ اليفةٌ صارت ؟
أم لمنْ أيقظَ صدرَ الفتنةِ
فبتنا هشاشاً سريعَ الحريقِ
قويَّ التّفاعلِ والإشتعالْ..؟
لمنْ يُغني الكنارُ ؟
فدوْحةُ العُربِ صارت جحيماً كبيراً
فلاةً تعزّي فلاة
ذكرى تناغمُ ذكرى
ماضٍ تفلّتَ دونَ انتباه..!
تبّاً للشّعرِ والشُّعراءِ
تبا للغناءِ والمغنينَ
للوردةِ التي لاتشبهُ الوطنَ
تبّاً للوطنِ الذي لايشبهُ الوردةَ
تبّاً لحماقاتِنا
لغفوتِنا
لغفلتِنا
تبّاً.. تبّاً.. تبْ..!!