هفيف من قماط
للشاعر العراقي
صــــاحــــب الــــغــــــــرابي
منذ ذلك السحيق
فيافي قاحلةلا نبت فيها ولا رواء
أثداءُ ضامرة شحّت عليها مجاري الدَرّ
كانت مكة تعجن الطحين من كلّ غبار يتطاير...
كعبةتغصُّ بالآلهة
ضرب قداح
غرانيق مرجوة الشفاعة
يوم كانت تنام صّديانة من الجوع تنتظر رجوع النوق من منعرجات القوافل
لتأحذ من حليبها المنهوك جرعة ريّ
مع الصباح ولادة تاريخ اعظم ولادة لأنصعِ ِتاريخ
لقد التوت إلى هذه اللّيلة كلُّ النواصي
هفيف من قماط (1)
أجفان تكحلت بمرود النور
أنَّ وراء هذا المهلالِ أفقاً بعيداً يطال سماء
فجر بازغ
مع هذا الصباح الأبلَج
نفض عن خواصرها أغبرة الصحاري
وأوهان الدروب
نفخ عن أجفانها تهويم النعاس وتقريح الرمد
بث فيها حرارة الحياة
شخصيّة جلاّبة لكل غوص
يقف منها اليراع حائراً
ففي كل جانب منها مدى
فصول معجزات
هكذا أطل محمد
الشاطئ المفتوح أمام كل هذا الهادئ الغائر
ليس لها من نصيب أكثر مما لحفنةٍ
تأخذ منه غرفة غرفة على مقدار غوص
طوبى لمسروح،يشركُهُ ثديُ امهِ بارتشافِ الغَمَام
طوبى وألف طوبى لحمزة أنْ يكون قد سبق و تَلقَّم الثديَ نفسَهُ (2)
يا نار القرى خَصُبت قصاعك
تضمخّت بأريج رحيق مختوم
يا فوهة زمزم عذبت مساقيك.
.................................................................
(1)الهفَّاف من الثِّياب: الرَّقيق الشَّفّاف ثوب هفّاف.
(2) ثويبة ام مسروح قد ارضعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عدة أيام قبل حليمة السعدية وكذلك حمزة عم النبي عليه السلام .