هل الأدب العربي اليوم يلامس واقع الشعوب العربية؟
أ . فاديه عريج / سوريا
هل الأدب العربي اليوم يلامس واقع الشعوب العربية؟
هل يحمل همومها وآمالها وتطلعاتها ؟ وهل يؤدي الرسالة المطلوبة؟ هل يصور الواقع أم أنه في واد والواقع في واد آخر؟ هل ارتقى إلى مرتبة الأدب الروسي الذي يذهب البعض على أنه أعظم أنواع الأدب على الإطلاق، وهذا مذهب صحيح مئة بالمئة، فالأديب الروسي بإمكانه الذهاب مع شخصيته إلى آخر الشوط، فهو قادر على تحليلها نفسياً، وسبر أغوارها بشكل رائع جداً، يُذهل المتلقي بحيث تصير هذه الشخصية التي يقرأ عنها مرآة له يرى بها نفسه، فتستقيم حياته، وتطمئن نفسه. ميزة أخرى تضاف إلى هذا الأدب الرائع وهي أنّ الشخصيات طبيعيّة جدّاً، حيث يمكن لأيّ إنسان أن يراها في واقعه المعاش، وأن يحتك بها بشكل يومي، وهذا ما يجعل العمل الأدبي الروسي أقرب إلى قلب المتلقي من أيّ أدب آخر، ومن قرأ لكبار الأدباء الروس أمثال ميشال (بتروفيتش أرسيباشيف)و(قسطنطين سيمونوف) و(أوجين باراتنسكى)و(فيودور دوستويفسكي) و(مكسيم غوركي) و(ليو تولستوي) سوف يثبت عظمة الأدب الروسي على الساحة العالمية.
لهذا فالأدب المدروس النابع من رغبة حقيقية بالتغيير، المرتكز على الواقع يساهم في تطوير المجتمعات، وتحسينها إلى أبعد مدى وحد ممكنين.
فالأدب يؤثر على الحياة و يساعد متذوقيه على الإمعان أكثر في تجارب حياتية كانوا قد غُيِّبوا عنها بطريقة أو بأخرى، والأديب أقدر من غيره على الغوص في أعماق الناس، وملامسة دواخلهم، فتكون كلماته بلسماً لأرواحهم، تنتشلهم من أرصفة اليأس والإحباط. و عندما يُخرج إبداعاته للعلن، يكون قد وضع فيها خلاصة تجاربه الّتي مرّ بها، أو التي شاهدها، فإذا ما استغل قدراته العظيمة بالشكل الصحيح أنتج إنتاجاً أدبياً سيُحفظ عبر الأجيال، وسيترك الأثر الكبير في المجتمع ونفوس المتلقين.
والمتلقي أكثر ميلاً إلى قراءة ما يلامس واقعه وحياته بشكل أدبي مجازي، فالكتابة الأدبية حينها ستلامس شغاف القلب أكثر من أي نوع آخر من أنواع الكتابة، ولا يمكن لأي عاقل أن يفصل بين الحياة والأدب، فالحياة أدب وفي الأدب حياة، وأجمل حياة هي التي يمكن أن يصوغها صائغ الكلام على أوراقه، ليرسلها فتكون كالرياح اللواقح؛ تلقح النفوس المتعطشة للخير والإنسانية والمحبة والسلام.
ويبقى السؤال يبحث عن صداه: هل الأدب العربي اليوم يلامس واقع الشعوب العربية ويحمل همومها وآمالها وتطلعاتها..؟؟
مع كل الحب للأقلام الهادفة الجريئة