شُرفَةُ الحِطام
بقلم / أ . عادل قاسم - من العراق
1
كُلما اُحاولُ مِراراً ولوجَ هذا المَزارِ؛.يَستوقفنيْ مُتخذاً رُكنْاً قَصيّا، يشيرُ لي بِعصاه حيثُ ذلكَ البحر المتلاطمُ بالسَفنِ والعُبابِ، المُشْتَعلُ بالبرقِ والحطامِ، وثمّةَ خُيولٌ تَطيرُ في مُرآّةِ السماءِ التي تَشَظَّت مُدُناً، تساقطَ برَيقُها في آنيةِ الموتِ الرَخيصة.
- أَنا هنا
أنتظرُالقادمَ...
من بعيد
أنا هنا وجِثَّتي...
تأكلُها الصحراءُ
وهياكلُ النيرانِ والحديدْ
أنا هنا...
متأَبطٌ موتي...
لأدخلَ الحروبَ
من جديد...
2
بَليدٌ يَنفضُ من على جسَدهِ شظاياَْ الحروبِ
أدورُ في حلقةٍ من فَراشاتٍ سوداءَ ضالةٍ، تحلقُ في المدياتِ السحيقة
وفي اﻷوديةِ التي تُنبتُ عناقيدَ الرصاصِ بالدمِ والدوﻻرِ واﻻنتصارات.
- وجوهُ بهاليلَ تُسْحِرُنا
على شُرفةِ المأساةِ المُفْجِعة
فإلا... مَ... مَ... مَ... يستمرُّ العَرْضُ...
ونحنُ نرى ماواراءَ الأَقنعة
ِ
3
أطرقُ بابَ دارِنا التي تَحفُّ بجوانبِ جدارها الطيني الحشائشُ المتيبسةُ المحيطةُ بشجرةِ التوتِ، حيثُ باحةُ البيتِ الكبير. لاشيءَ سوى أَسرَّةِ الطفولةِ المُحترقة، وشذاً لحنَّاءِ عَمَّتي التي أرهقَها الجريُ في العراءِ بَحثاً عن صدىً لصوتِ أبي، الذي خرجَ ذاتَ شَتاءٍ في الهزيعِ الطافحِ من القيامةِ، التي ماعادَ للهاربين من أَلسِنتِها أيَّةُ فُسحةٍ لبابٍ يُفْضي بِهمْ لضفافٍ آمنة.
- يتطيبُ المَلِكُ في المِسكِ
تُطَيِّبه العاهراتُ
يمتدحهُ الصبيان
ما أجملَ المَليك!
ماأبدَعك ياقمرَ الزمان...!
ِ4
َخلْفَ هذهِ الشراشفِ الحمراء غادرتْ اليماماتُ مبُكرةٌ بعدَ اِنهيارِ مدائنِ الفيَروِز، تكاظمَ الغَيظُ ليمُسي كأفعى تَنزعُ جلْدَها، ﻻفواختَ في اﻷُفقِ إذْ صارَ كلُّ شيءٍ دونما معنى، ولم تعدْ للحروفِ أَجْنِحتُها.
بعدَ انفراطِ عِقدُ المَعاني وَزكَّمَتْ كُوَرُ القارِ الملتهبةُ
أنوفَ سطوحِ البناياتِ الشاهقة؛ رسالةٌ تََحْمِلُها الرياحُ
للسماءِ التي تَلمعُ كالنُحاسِ، يَخْدعُ العيونَ، لينطليَ عليها، وَيضيقُ بها اﻷفقُ حتى تَتَلاشى اجْنحَتُها
حين يَظلُّ الريشُ في عَتَمَتهِ الخالدة.
- لما رأيتُ ظلَّهُ النَحيلَ
معفراً في البركةِ اﻵسنة
ورأَيتُ في أَزقةِ المدينةِ...
الكلابَ...
في حفْلةٍ داعرةٍ ماجِنة
أَدْركتُ سِرَّ الصمتِ...
إذ حَلَّ كالوباء
وقوَّّضَ...
المدينةَ اﻵمنةَ
ِ
5
يَطوفُ حاملاً فانوسَهُ الورَقي؛ ليضيءَ أوتارَ الربابِ التي تآكلُ نَغَمُها صبيحةَ أنْ تيبسَ النهارُ كتابعٍ لقوافلَ تُمشِّطُ بأسنانٍها رؤوسَ الجبالِ والبلادِ المهاجرة للآنفاقِ التي يتقيَّؤُها التأريخُ والعدَمُ.