يدي اليمنى
قصة : أ . ابتسام الامارة
عندما تنطفئ الكهرباء، تريكَ الظلمة
كم أنتَ وحيدا، المصابيح المنتشرة في المنزل لا تطرد الأشباح القابعة في المخيلة.
بدا الأمر غريب بالنسبة لرجل مثلي، ركبَ أمواج المخاطر، وقاد الرجال بشجاعة أن يخاف الوحدة ويتقشعر بدنه من الظلمة.
- في الماضي لم يكن للمرض سلطان علي، واليوم ارتعش بيد واحدة تثقل بحملها العصا.
هذا العالم ليس عالمي الذي كنتُ أعيشه وأنتم حولي.
منذ فقدتكِ فقدتُ يساري، التي نسيتُ وجودها وأنتِ معي، أنى لقلبي هذا القاسي أن يحتوي حبك، أنتِ الرقيقة كيف تحملتي خشونة طباعي و قسوة ملامحي.
جعلتني ذاك الرجل المحب والأب الوقور، المستمتع بكل لحظة على أنغام موسيقى الحياة الهادئة.
حتى بعد أن فقدت يدي في الحرب كنتِ أنتِ يدي التي تساندني.
من الجميل أنٌ يهبك اللَّٰه من يهون عليك الدنيا ولا تهون عليه أبدا
ومن الصعب أن تفقده وأنتَ تحتاج أليه.
أحاول أن اعتاد رحيلكِ، لكن المهمة تبدو صعبة.
-لماذا أنا أيسر ؟
لا أنسى حين قال لي الطبيب مبشرا أن يدك اليمنى سليمة قلت:
- له أنا أيسر يا دكتور !!!
قلتِ:
- أنا يدكَ اليمنى و اليسرى
-أريدُ أن أكتب أن أهذي كالمحموم أي شيء قصيدة، قصة ارثي بها يدي و ارثيك ِالآن فقدتكما معا.
أتعرفين ...
أهم أن أعمل لنفسي فنجان قهوة فلا أقدر، وضعتُ الماء في الغلاية بللتُ ثيابي، أشعلتُ عين الطباخ فارت القهوة، طفحت وأطفأت النار. مسك القلم بطريقته الخاصة ثم وضعه...
انحنى أخرج من تحت السرير صندوقا قديما نسجت عليه العنكبوت بيتها وتصدأ قفله .
أخذ يمسحه بأكم قميصه
فتحه، نفخ التراب عنه، أخرج دفترا قديما قبله وشم رائحته وهو يبتسم ترقرقت الدموع في عينيه، قال مخاطبا صفحاته.
- سأشكو لك ذكرياتي و حياتي بحلوها و مرها...بدأ يكتب:
-كنتُ أنت يا حبيبتي من روض ذلك الرجل العسكري العصبي فيّ بالحب.
فقدتُ أطفالنا نحو النصر.
حققتُ طموحي بإنجازاتهم.
أراها اليوم وأنا وحيدا من بعيد .
وضع آخر سطر نقطة.
ثم كتبَ أسفل الصفحة:
بعد ثلاث ليالي من رحيلك لم أعد أطيق القهوة من يد أحد غيرك.