ملحمة بلاغية
قصيدة : أ . علاء درباج
لم يشْهدِ الحرفُ تأليهاً كتأليهي
إن خطّ حبراً على الأوراقِ ما فيهِ
قد تهتُ عمراً وكان التّوه قافلتي
لأقصدَ الشّعرَ حبّاً في معاليهِ
وصرتُ منهُ وسقتُ الآن ملحمةً
وقلتُ آتي على الخلّان مِنْ فيهِ
فالشّعر يُفصِحُ يا خلّانُ عن حِجَجٍ
ماكان غيرهُ يثريها ويثريهِ
والشّعر يطرحُ للأزمان أسئلةً
حتى تدور الرّحى في ساحِ راويهِ
من كان منّا لِيأتي الحبّ في زمنٍ
وفيهِ سيلٌ منَ الأحزانِ تُلهيهِ
أو كان منّا يحيطُ الفقرُ عالمَهُ
فينصفُ الحبّ و الشكوى تُناديهِ
عذراً تركتُ ولا عذرٌ لمُعْتَقِدٍ
قد ظنّ أنّي هجَرتُ العشقَ تاليهِ
إنّي إله الهوى والكلّ يعرِفُني
قد كنتُ يوماً منَ العشّاق أُدنيهِ
لكنْ نطقتُ بأنّ العُذر في وجَعي
فالآه تحكُم من لا حُكمَ يُبريهِ
والآه تدفعُ أن أعدو بملحمَتي
فأفضحُ السّرَّ عن أمرٍ نعانيهِ
هل نحنُ قومٌ أعزّ اللهُ حاضرَهم
أم نحنُ فعلٌ من الإعرابِ ماضيهِ
أم نحنُ صفرٌ على اليسار موقِعهُ
أم نحنُ شيءٌ ولا شيءٌ يساويهِ
بعنا الحضارةَ أمراً من جهَالَتِنا
والأمرُ يعدمُ مَن بالسّعي يسقيهِ
ثم اشترينا باسم الصّمت عزّتَنا
فذُلّ صمتٌ ولا عزٌ لشاريهِ
والصّوتُ أبلغُ تأثيرا بمَكرُمةٍ
إن سارَ حقّاً بنورِ الوعي مُلقيهِ
والحقُّ دَينٌ على الإنسانِ مطْلَبه
إن كان حرّاً وكانَ الحرُّ قاضيهِ
ياقومُ اصحوا وصيحوا الآن وانتقدوا
كي يبلغَ الصّوتُ من أعلى أعاليهِ
بئس الحروب الّتي ذلّت أكارمَها
والظّلمُ فيها يولّي الظلمَ عن تيهِ
فكيف هذا وقد قامت أصالتُنا
ليسطَعَ المجدُ في أقصى أقاصيهِ
وكيفَ هذا وقدْ ضحّت بواسلُنا
ليُزهرَ الحقّ في أسوارِ حاميهِ
فكان سعياً على الأوهام نعبُره
وكان وقتاً على الآلام نُنهيهِ
وكان دمّاً على الأصقاعِ نهْدُره
وكان عمراً لأجلِ العيشِ نَفْنيهِ
هذي البلادُ تقودُ اليومَ رجعتَها
وتوئِدُ النورَ في أنقى أراضيهِ
وتعلنُ النّصرَ والإنجازُ مقبرةٌ
والجّهلُ حيٌ يلومُ الآنَ توجيهي
إنّي رفعتُ على الأحرارِ أُحْجِيةً
وسِقت شعراً وساقَ الشّعرُ تنويهي
من كان يمقتُ أشعاري ومنطقَها
فلْينحرِ الشّعر في نحري ويَرديهِ
أو كانَ يملكُ حلاً فيه رفعَتنا
فلينطقِ الحلّ أو يُصغي فنَهديهِ
ما من نهوضٍ إذا ما ردّ أبلَغُنا
ودوَّن السُّخط في أقسى معانيهِ
هذا مرادي وهذا الفصلُ أحكَمُهُ
فصلُ الخطابِ الّذي شابَتْ قوافيهِ
عمّم خطاب الأسى يا حبر قافيتي
لم يبقَ دمعٌ على الأطلال نبكيهِ
فالقومُ ماتوا وقد ماتت مشاعرهم
فصاح شعري لِمن يا حبر تُبقيهِ
ومن سيقرأُ في الآفاق ملحمةً
جارت على الجّور في أرضٍ تداريهِ
يامَنْ تلومي بأنّ القلبَ مُنشغلٌ
فالصّدق قلتِ ولا داعٍ لأُخفيهِ
قلبي مليءٌ وكلّ الحبّ يسكنُه
وأنتِ فيهِ وجزءٌ من مناحيهِ
لكنْ أزيحي همومَ الكونِ واقتربي
فالعشقُ يهفو لتحييني وتحييهِ