بريقٌ فضيٌ خاطف
ولدن جميعهن من رحمٍ واحد، تبدأ حياتُهن القصيرةُ باحتفاليةِ الميلادِ وتنتهي...بالسقوطِ في عالمِ النسيان، على جزيرةٍ تحكمُها نون النسوةِ يعشن ترعاهن الأم، ينسجمن في تناغمٍ ومن تتشابكن وتقعن بالمشاكلِ تتكفلُ بهن..
كن جميعًا ينتظرن الوليداتِ بشغفٍ حتى أتت لحظةُ ميلادِها، ولدت مختلفة... تشعُ بضوءٍ فضيٍ براقٍ تحت أشعةِ الشمس، نظرن لها بتعجب، دائمًا ما تباهين بلونهن الأسودِ الفاحم، وافتخرن به حتى ولدت هي، تبادلن نظراتِ الحيرة، تساءلن
- كيف وُلدت هكذا؟
(ولدتُ مميزةٌ أعرفُ ذلك، أرى نظراتِ الحيرةِ الممزوجةِ بخوفٍ في أعينهن، كلما حاولتُ التقربَ منهن تفرقن وابتعدن، أنا أختكن.. ماذا دهاكن؟!! )
تابعنها بتوترٍ وهي تنمو وتزدادُ طولًا وتألقًا كل يوم، همست بعضهن وقد أشعلت قلوبَهن الغيرةُ:
-هل تعتقدُ أن لونَها وبريقَها الذي يخطفُ الأبصارَ يميزُها؟ أفيقي أختاه أنت غريبةٌ بيننا.
بينما تجنبتها بعضهن خوفًا منها:
-هي لا تشبهُنا، لا تخالطوها.
اختلفت ردودُ أفعالهِن حيالها ولكنهن تجمعن على قرارٍ واحد..
إحساسُها بالرفضِ منهن أصابها في البدايةِ بالحيرة، ما اختارت لونَها ولا تعرف سببَ اختلافِها، كل ما أرادته أن تختلطَ بهن وتأخدُ مكانَها في تلك الخصلةِ اللامعة، كلما حاولت التوددَ لهن زدنها جفاء، تسلل الغضبُ لقلبِها وهي تعجزُ عن تقبلِ رفضهن لها...
-إذا كنتن لا تريدونني فشاهدونني جيدًا وأنا أخطفُ الأبصارَ بلوني الرائع.
(أماهُ انا ابنتك، أنا المميزة، هن يرفضونني، انظري الي وأنا أنيرُ غرتك).
لشدةُ دهشتِها ودهشتهن كن جميعًا كمن توقف به الزمن ..
يدُ الأمِ تمتدُ لتحتضنَها ... يحسدُونها... تنام بفخرٍ بين إصبعيها ... ذهولٌ وخوفٌ وهن يتابعونها وقد اقتُلعَت من منبتِها، شماتةٌ وتشفي بها...
قررن الاحتفالَ بتفضيلِ الأمُ لهن وإقصائها عن عالمهن المصفف دائما بعناية، في غمرةِ احتفالِهن لم يلحظن أختاها الفضيتان اللتان نبتتا مكانها.