السيدة الأولى
(في رثاء أمي الغالية)
بقلم : أ . شعر : حسام الدين فكري / مصر
هي ضوء النهار الأول
الذي يعبر عينيك
حين تحبو بحروفك المُتعثرة
فوق ثرى لم تألفه من قبل
هي السيدة الأولى في قلبك
التي تتلقفك
وتُقيل عثرتك
ثم تمسح رأسك في صدرها
فلايبقى من روعك أثر
ملامحُ وجهك ترسُمُها
حين تُلقيها إليك همساً
وأسماء الأشياء تُدركها
من أطراف أناملها رمزاً
يكتسب الدفءُ نبض حرارته
من ثنايا جفنيها
وتُورق الطمأنينة في صدرك
من بين خطوط يديها
تضل الريح طريقها إليك
حين تدفعها بعيداً عن فراشك
وتتمزق الأصوات إلى فُتاتٍ ناعم
حين تقترب من أذنيك
أنت في مملكتها أمير زمانك
لا أحد يُنازعك في مكانك
ولا مكانتك
حتى وإن فاض التدلل
فشرعت ترفع عقيرتك
اطلب أعجب مايروق لك
من رغبات المُدللين
وارقص بثغرك الغضّ الباسم
فوق الحبل المتين
سمعاً وطاعة أيها الصغير
"أحلامك أوامر" بلا تعقيب
فاقطف ماشئت من الزهور
واجرع ماشئت من العبير !
..........................................
أمي الحبيبة
ياملاكاً..ما كان له
أن يبقى على الأرض طويلاً
تمضي حياتي هواءً في هواء
مُذ عادت روحك إلى السماء
حُروفي لاتلتصق ببعضها
أفكاري منسوخة من نفسي السابقة
الحياة على الحافة لم تعد مثيرة
أشقّ طريقي بين صُخور ملساء
تنتصبُ حِيناً..وحِيناً تنثني
في حياتك أُمي كانت تنحني
وكانت الدنيا عُشباً أخضر
يُبلله الندى كل يوم
فلما اختطفك السهم الأخير
صار العُشبُ يابساً
يجرح قدميّ حين أسير
دون أن ألمح وجهك مُطلاً
بابتسامتك المُشرقة
من فوق ظهر القمر المُنير !

