قراءة في ديوان " الضوءُ يتوهّج في مكان ما "للشاعر نصر الغزي
بقلم : الأديبة / نجاح العالم السرطاوي
عضو اتّحاد الكُتّاب و الأدباء الأردنيين
الديوان يتكون من مجموعة من القصائد الأدبية الشعرية تناول فيها الشاعر ما يجول في نفسه و روحه من مشاعر صادقة و حب كبير و عبر عنها خير تعبير بصدق و مهارة و أصالة
و قد تميزت قصائده بمرارة الشكوى في وصف وطنه بمشاعر الحزن و الأسى لما آل إليه من دمار و خراب و قتل و تشريد و تمزق إلى طوائف كثيرة
كما و يصف أبناء بلده و قد هجّرهم الأعداء إلى بلاد شتّى و قد ذاقوا العذاب و المرار و خيمت عليهم المآسي و الويلات و الفقر و الوبال بعد أن كانوا يتمتعون بالخير و النعم في العراق
و قد عبر عن ذلك بوصف راقٍ و ألفاظ رقيقة و معانٍ جميلة في عدد كبير من النصوص الرائعة المعبرة
و تميز أسلوبه بالجمال و السحر و الرقة و العذوبة كما في :
بكاءُ المحاجرِ
لله درك
يا عراق الأنبياء
أبكيتني
حتى استباح
الدمع كل محاجري
و سلبت مني الروح
حتى تمزقت
أشلاؤها عشقًا
أمام نواظري
صبرًا جميلًا
على من باع
يا وطني
حتى تجاوزت
صبر أيوب
في المحنِ
عش هكذا
في علوٍ نحن نقرأها
حتى و إن مزجت
بحروف الدم ألواني
و قد هاجت مشاعر الشاعر عندما كان الحديث عن أمه رحمها الله حيث جعل عنوان الديوان يعبر عن مشاعره تجاهها حيث قال :
إلى ذلك الضوء المتوهج
بين طرقات المقبرة....
( أمي )....
و كان للحبيبة نصيب وافر من قصائده بلغة راقية و حروف متناسقة فخمة رغم الألم و الحزن و الهجر كما في :
أكرهها
لا بل أعشقها
يا من تجعل قلبي يخفق
أسرع من ساعة بغداد.
أتنفس في رئتي حبًا
وزفيرًا يخرج إعصارًا
يقلعني من غير هوادة
يرميني في أرض هواك.
استخدم الشاعر في قصائده ألفاظًا جزلة دقيقة ذات معانٍ ساحرة عميقة وظفها بروعة و مهارة و براعة لتخدم الهدف الذي صيغت من أجله و قد أحاطه بهالة من السحر و الرقي و البيان بتشبيهات و استعارات أكملت الروعة و الفصاحة و الإتقان.