أ . شذى البراك ..
تكتب :
رؤية
في رواية هديل العلي " سنلتقي بعد عامين وحرب. "
تشظ في ظلال الحرب
تتخذ
الروائية هديل العلي من مقطع لقصيدة محمود درويش عنوانا لروايتها التي تصور فيها أحداث
الموصل، أثناء مدة احتلالها من قبل عصابات داعش ولمدة عامين منذ بدء الاجتياح إلى تحريرها،
إذ تتخذ من الحب مدخلا لتروي التفاصيل الصغيرة التي انهارت فيها المدينة وتحولت إلى
مدينة أشباح ، بصورة أقرب إلى الشعرية من خلال علاقة الحب التي جمعت الدكتورة ليلى
بقيس الاعلامي الإعلامي الناضج الذي تعرفت اليه في ظروف إستثنائية، وقد اتخذت من رمزية
الأسماء لقصة حب خالدة تمهيدا لأحداث ساخنة، إذ أنها هرعت إلى إسعافه حين اخترقت صدره
بضع رصاصات، كان الأمل ضعيفا في إنقاذه، إلا أن جسده المنهك يستجيب للحياة، لأن إرادته
في العيش كانت قوية، وإرادة القدر أن يكون حبيبها المستقبلي، لكنه كان يحمل قضية الوطن،
وهي قضية شجاعة مهما كان المقابل، إذ لا بد من المواجهة للدفاع عن الحياة.
إنه
يرتبط بالأمن العام، فوصلته ملفات من شخص كبير في الدولة يخبره عن أن هناك مؤامرة خطيرة
وقذرة قد خططت لهذه المدينة، لذا علبه السفر والإرتحال، كان هذا الخبر كصاعقة حلت في
أيام شتاء باردة.
وفي
حزيران انتشرت حالة الذعر بين الناس، وامتلأت الطرقات بالبشر وهم يركضون في كل الاتجاهات
دون ان يعلموا إلى أين يذهبون.
انقلبت
موازين الحياة الى الدمار وتغيرت أيام الحياة نحو الظلام والخراب، ورغم كل ظلال الحرب
كانت تهرب إلى الكتب ودواوين الأشعار كمتنفس يعزلها عن الحياة التي تعثرت.
وفي
هذا الجو المشحون بتعطيل كل مقومات الحياة شعرت بشيء مجهول يعتصر قلبها وهي خارج المنزل،
إذ دوى انفجار هائل هز أرجاء المدينة، وحين وصلت كانت الضحية أختها ندى التي تحبها
حبا كبيرا، وبين حالة الضياع لم يعد هناك شيء تنتظره منذ وفاة ندى وغياب قيس، لقد ضاقت
السبل وشعور الدمار احتل ما بداخلها من حياة والخسارات قد فاقت الحدود.
لقد
كانت القاصة متمكنة في تصوير حالة التشظي إزاء المشاعر المتناقضة بين الحرب والسلام،
إذ أنها استمدت ثيمة روايتها من رواية الحرب والسلام لتولستوي، فقصة حبها انتهت بخذلان
قيس وقد تزوج من أخرى، لأن حبهما ولد في ظروف استثنائية وطارئة وهي حالة الحرب وكل
إفرازات الحرب تنتهي بحلول السلام مخاطبة إياه..
رحت
أفتش بين ملامحك عن شيء ضاع مع الضياع، عن شيء رحل مع أيام الخراب.