عشرات التساؤلات تدور في خلدي، بل المئات، وعلى مدى خمسة عقود خَلَيْن من عمري..كنت أظن ان تساؤلاتي وانا صغيرة، ومع سنوات عمري القليلة، غير مشروعة، أو انها نسج من خيالي الواسع! لا أجرؤ حتى طرحها على والديّ، رغم يقيني بصحة ما افكر به؛ كنت أسمع وأحلل واستنتج، أقرأ لثقاة الكُتّاب، واخضع ما قرات للعقل والمنطق، وأقاطع نتائجي، وقد اصل الى مبتغاي او اعجز عن ذلك.
تربينا وفقاً لقاعدة الحلال والحرام لفظا ليس الاّ ! دونما تفسير لفلسفتهما؛ ونستميح لذوينا العذر في تقييد عنان تفكيرنا، فالمسافات المعنوية بيننا شاسعة، رغم قرب المادية منها حد الملاصقة؛ والسبب قد يكون لاننا خلقنا إسقاط فرض دونما تخطيط، وبلا هدف محدد؛ بل كنا تحصيل حاصل، يحرصون على تلبية احتياجاتنا المادية فقط، خاصة اذا كنا ميسوري الحال، دون النظر إلى احتياجاتنا المعنوية.
ويمضي بنا العمر، ويضيع منا الكثير، ونمر بمواقف محرجة مع من هم اكثر منا ثقافة، فلطالما ادركت أنني أجهل الكثير، وكنت اخجل أكثر من توجيه اي استفسار سابق أو سؤال مُلح، وانا بهذا العمر.
مفارقة أخرى تأملت فيها كثيرا، واستهجنتها عندما كنت اقرأ الكتب الدينية وانا صغيرة، وهي اسلوب الترهيب والترغيب! ومع ان هذين الاسلوبين مذكوران في جميع الكتب السماوية كالجنة والنار مثلا، هذا لأن الإنسان كان بعيدا عن المنهجية، ومحدود التفكير! ولكن مع تقدم الزمن، والمبالغة بهذين الاسلوبين، والتي وصلت الى حد الترويع المسموع والمرئي والمكتوب، والاعتماد على التفكير المنهجي، نجد ان الانسان ابتعد عنهما، ناهيك عن خطر الابتعاد عن أهداف الرسالة الإنسانية السامية لجميع الأديان.
فاقصر الطرق وانجعها في تربية أبنائنا هو وضع التفسير الصحيح لكل ما اوجبه الله سبحانه وتعالى، وكل ماحرمه، وتوضيح فلسفتهما، فصفة الكذب المذمومة مثلا نقول: لا تكذب، فالله يحرقك بالنار، أو كن صادقا حتى تدخل الجنة! لماذا لانعلمه عواقب الكذب في الدنيا ونضرب له الامثال، ولطافة واستحباب صفة الصدق؟
فالعبادات الدينية التي أمرنا الله بها، لها فوائد جمة تصب في مصلحتنا الدنيوية، وما نهانا عنه الا لانه يعود بالضرر علينا، هذا هو الطريق السليم للاقناع، بدلا من الترهيب والترغيب، والعقاب والثواب؛ اذن يتحتم علينا اتباع اسلوب حياتي جديد ممنهج فيه الكثير من المصداقية لكي نختصر المسافات على أقل تقدير؛ وليس مجرد الالتزام بتعاليم دين صماء، أو تلبية اوامر بعض من رجال الدين لمجرد إرضاء لغرورهم!
الصلاة وفوائدها الكثيرة، وما تعود به على جسم الإنسان، مثل امتصاص الشحنات السلبية عن طريق السجود، أو جريان الدم بين فقرات العمود الفقري، ناهيك عن تحريك مفاصل الجسم اجمع، وتربيتنا على النظام واحترام الوقت وتقديم الشكر للخالق العظيم، بدلا من ترغيبنا بالجنة وترويعنا بالنار.
ولازال العشرات من المحدثين في غيهم القديم! رغم التقدم في فكر الإنسان وقيمة الوعي الذي وصل اليه ونحن في زمن العولمة وزمن الانترنت، والمعلومات متاحة، ومن عدة منابع، ومن السهل جدا إقناع الناس بمضار الكثير من الممارسات الخاطئة، وفائدة البعض، بدلا من الترهيب والترغيب
العراق/ بابل

