فارسُ أحلامي .. بقلم / مرام عطية
صاغتهُ الغيومُ البيضاءُ قمراً عالياً يسكنُ أبراجَ الضِّياءِ ، و اختارتْهُ الْحَيَاةُ نهراً عذباً دائمَ التدفقِ زرعتْ ضفافهُ بالليمونِ والنارنجِ ، أعدَّتهُ عرَّاباً لمائدةِ الحبِّ المقدَّسةِ ، وزورقاً أميناً للبائسينَ والفقراءِ، قائلةً لي : لاطريقَ إليه إلاَّ سكةُ النورِ أيَّتها الزنبقةُ الجميلةُ .
ماإن رأتهُ عينايَ حتى توهَّجَ الحنينُ، وانهمرتْ على عينيََّّ غيومٌ تلبسُ قبعةً حمراءَ ، تلاطمتْ أمواجي ، ثارتْ قرى إحساسي الجائعةُ على دكتاتوريةِ العقلِ الحجريِّ ، وبدأ الصراعُ بين الحبِّ والكبرياءِ ، بين الثِّقةِ والخوفِ فكيفَ تهدأُ ثورتي ؟ وأين الملاذُ ؟
غيومٌ سوداءُ لاحتْ في الأفقِ حذَّرتني وهي تقولُ : إياكِ أن ترتقي السَّرابَ ، فارسُ أحلامَكِ من مدنِ الخيالِ النائيةِ ،لا يقطنُ في بلادِ الحقيقةِ ، بينكِ وبينهُ بحارُ ، ولا سفينةَ تقلَّكِ إليهِ ، فاخلعي أحلامَكِ العنقاءَ ، و ارتدي يبابَ الحاضرِ .
قاطعتها غيومٌ الزَّعفرانِ وبين يديها غمارُ سنابلَ ، وبين شفتيها نبيذُ تفاحٍ ، وشرعتْ تمطرني نجومها اللاذورديَّةً ، تحملني إلى حدائقِ القرنفلِ واللافندرِ، فتخضرُّ أشجاري الخريفيةُ ، و يصهلُ نخيلي فرحاً
لبستْ غيومي البرتقاليةُ قبعتَها الخضراءَ، فرأيتُ جزراً عذراءَ تعجُّ بالَّلهفةِ لحسناواتي ، وسفناً بديعةً ، أشرعتها تناديني لمرافئَ أكثرَ أماناً، ومغانٍ أروعَ سحراً
صافحَت غيومي الزرقاءُ نوارسَ الغيومِ الخضراءِ و الصفراءَ، و لوَّحتْ بالحبِّ لمدنِ الربابِ البهيَّةِ ، أمّا أنا فقدغادرتُ معَ كناري الألقِ الأقاليمَ الرماديَّةَ ، و لبستُ غيومَ الشَّوقِ إليهِ . ياللدهشةِ !! لم أكن أَعْلَمُ أني سأرتدي القبعاتِ السِّتَ لألقاكَ .
