مد وجزر..رقم - ١ -
شهقت..يا إلهي ..! إنه هو..
بطوله الفارع وقدّه الميّاس..بحاجبيه الكثيفين وقد عقدتهما عزمة الغضب..وهو الذي أراد إخفاء ملامحه بقبعة اعتمرها ..وأي رأس له ؟ رأسه المعتّق بالنظريات واللوغاريتمات والمحاليل والأسس...
وكم لهثنا خلفه عن سؤال أو شرح وتوضيح ..!
نعم في المقهى القابع على شاطئ بحرنا الجبلاوي الجميل..واللا جميل بما صدفت ..
حيث الأمواج تعلو وتتلاطم رغم هدأة الطقس..لكأنها تشعره ..تحس هواجسه ..بل وتضرب أحلامه زبداَ فارغاً لا قيمة له ..ولا معنى..
تخرّج من كلية العلوم ..الكيمياء التطبيقية ..بدرجة امتياز ..وإن أنسى..لا أنسى أبداَ براعته في المخابر والتفاعلات ..والبحث عن نتائج جديدة بديعة في كل مرة..
تعلّمنا الصبر والمثابرة والتأني منه...كنا نتسابق لنكون في مجموعته حتى ننال أعلى الدرجات ..
قدّم بحثاً ..بحثين ..ثلاثة...لكن أين هي؟
يبدو أنها ذهبت أدراج الريح ..والآمال باتت مبعثرة ..
عندما أقبل نحوي وبكل تهذيبه هو ولباقته هو ..قدّم لنا الطلب والمجمر بيده الأخرى وقد رصف الفحم المتجمر كقلبه الصغير المضنى ..(هكذا شعرت)..بكل إتقان كعادته..وبسمة انبثقت كفجر خجول من بين شفتيه _أصول العمل _ رغماً عنه..
لا ليس هو ..وما الذي يأتي به إلى هنا ..هذا المكان ليس مكانه الطبيعي ..يبدو أنني شبّهت عليه ..
لكنني وفي غمرة تساؤلاتي ..نسيت نفسي والتحديق فاق حدّه..حتى لاحظني ..فحاولت الانشغال بجوالي ولملمة بعض أغراضي المتناثرة على الطاولة ..لكن عبثاً ..ما نجحت ..
في هذه اللحظات الثقيلة ..استرجعت سنوات من العمر مرّت قضيناها في الجامعة والشريط استعجل الوقت ...
ثم أنهى الإحراج هو...وبطريقته هو..
ولمَ العجب ؟ نعم أنا هو..الذي..والذي..والذي ...
بالهناء والعافية زميلتي العزيزة إن سمحتِ لي ..
حيواتنا ..في جزر و مد ..
ويبدو أن جزري سيطول أمده..
تغريد الخليل ..