الكرسيّ
أقصوصة
محمد فتوح / تونس
لا يدري من أين أتاه هذا الكرسيّ الفاخر...لا يذكر أن ورِثه أو ابتاعه يوما....ربّما كسبه في أحد الرهانات...وضعه وسط الطريق وجلس يدغدغ كبرياءه زهوٌ وأنفة...تعطّلت حركة المرور...طابور من السيارات والدراجات على مدى البصر... أصوات المنبّهات وصياح السوّاق وبكاء الصغار تخترق الفضاء وتصمّ الآذان....
فاوضه البعض أن يترك مسلكا صغيرا لمرور السيارات وحلحلة الوضع...إحتج آخرون لكنّ صاحب الكرسيّ الفاخر لا يبالي وكأنّه يسمع زغاريد وتصفيقا ترحيبا بانتصابه وسط الشارع وإعجابا بكرسيّه الفاخر...
حين حضر رجال الأمن تحوّل والكرسيّ إلى تمثال ضخم... حاول المسؤولون إزالته دون جدوى...لم تنفع جرّافات ولا مفرقعات فاضطرّوا إلى هدم بعض البيوت والمتاجر يمنة ويسرة لتوسيع الشارع رغم معارضة المتساكنين الشرسة واحتجاجاتهم المدوّية...
كل صباح ينظر إلى تمثاله من شرفته...يحيّيه بفخر واعتزاز...يأخذ قفّته...ينزل إلى الشارع...يجلس إليه ويحدّثه عن الاحتكار وغلاء المعيشة وقلّة ذات اليد.....
م.فتوح
تونس

