-->
مجلة دار الـعـرب الثقافية مجلة دار الـعـرب الثقافية
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

المرأة... في شعر محمد ثابت السيد

 المرأة... في شعر  محمد ثابت السيد  

كتبت : منى إبراهيم بيطاري



هل يبدو مبالغا فيه قولنا أن حضور المرأة في شعر محمد ثابت كان طاغيا ، فجلً ما كتب من إبداع شعري تناول المرأة ، فجاءت قصائده رومانسبة تتسم بمسحة الحزن الدائمة حتى غدا الحزن رفيقا يلوذ إليه عند الانكسارات ليبدأ ببث لواعجه و تجريد بكائه من الستر و إعلان إحباطه أمام موضوعه ( المرأة) حتى لنظن أننا أمام نفس مشحونة بالأسى و الحب و الخيبة :

دمعي يسيل و للدموع كلام    و القلب يبكي و الحبيب ينام 

ما حيلتي و أنا المقيد بالهوى    النفس حيرى و الفؤاد يضام


فلوعة الحب لديه ساقته إلى اختزال المرأة الحبيبة إلى صفة موصومة محسوم أمرها ، فاضح فعلها مع هذا الكم الهائل من الكذب و الوهم و الجفاء و المكر و الخيانة الصادر عنها ، فصرح في غير قصيدة عن المعنى ذاته :


لكنها بغبائها وقت الخيانة    لاترى شيئا سوى الكذب السريع

 

إن تجربة الحب تغور في أعماق ذاته فتشعل عذابه و تشحذ همته في تلمس الخلاص حتى لو كان الموت سبيلا :


و ما ذنبي و سهم الحب يدمي   و أعلم أن حتفي بالسهام 


و ربما لهذا السبب نلمح الالحاح على المعنى ذاته و تكراره و في معظم قصائد الحب ،  و كأني به قد ضاق عليه الأمر و أحيط على الكلم الطوق ، و أغلق بذلك المعنى على ذات المعنى ، فتراه يستعذب الهوى و الجوى و يتبع اللوعة و يستلذ حرقته و احتراقه . فتارة يطيل الشكوى و يرجو وصول الحبيبة و وصالها مع الاكتفاء بالقليل ، و تارة أخرى يعلن ثورته على الحب و الحبيبة و يشهر عصيانه و كفره بهواها فيسعى إلى تطهير قصيدته من هذا الكائن الجميل الماكر الكاذب الخائن المخادع الشيطان ، فيكسر أغلالها و يذكي غضبه و يعلن انسحابه من حضرة حبها :


ما بين وجهك ألف وجه للأفاعي   يا ترى أي الوجوه الآن أنت

 

و لكنه في النهاية يعجز امام قوة انجذابه و تعلقه بها إلى درجة الاستسلام و الضعف الذي صرح به :


لكنه القلب الضعيف أذلني   و اغتالني حتى وقعت بنارهن .


إذن الشاعر محمد ثابت يجد في المرأة قصيدة تبدو له كل

 مرة قصيدة فاتنة عصية رقيقة و قاسية ،تعبر عن وجوده ، فدونها لن يكون و مع كل ولادة كل قصيدة تولد امرأته من جديد بكل تعقيداتها ، فيتمسك بها و لا يتخلى عنها بوصفها الحلم المنشود الذي دأب على لمسه و تصحيح مساراته ليصل إلى الحبيبة المثالية أو القصيدة المنشودة :


أنا من عرفتك كي أصوغ 

قصائدي 

أو أكتب الحرف الأخير 


و يبقى الشاعر دؤوبا في نسج تلك القصائد باحثا ماضيا بين هضبات المستحيل رغم كل اخفاقات القلب في نيل المبتغى ، ليظهر جليا حدة الصراع في نفسة بين ما ورثه من قيم و فكر وضعت المراة ضمن إطار اجتماعي معين و بين المشاعر المندفعة نحوها دون كلل . فهو الباحث دوما عن المرأة بعيدا عن الخطيئة ، حالما بواقع مثالي قداسي ليست فيه آثام ، محاولا التوفيق بين جمالها الجسدي و جمالها الروحي و الخلقي ليتحقق بذلك سلامه الداخلي .    



عن محرر المقال

aarb313@gmail.com

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مجلة دار العرب نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد االمقالات أول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

مجلة دار الـعـرب الثقافية

مجلة عراقية . ثقافية . أدبية

احصاءات المجلة

جميع الحقوق محفوظة لمجلة دار العرب الثقافية - تطوير مؤسسة إربد للخدمات التقنية 00962788311431

مجلة دار الـعـرب الثقافية