-->
مجلة دار الـعـرب الثقافية مجلة دار الـعـرب الثقافية
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

الحبيب توحيد: الفنان التشكيلي العراقي "رافع الناصري" .صورت أعماله نتائج ويلات الحرب . و سنوات الغزو والدمار والتهجير والغربة.

 الفنان التشكيلي العراقي "رافع الناصري" .

رحل الفنان العراقي رافع الناصري في عمان عن عمر يناهز 73 عاما، بعد رحلتين متناقضتين أطّرتا حياته: رحلة الإبداع ورحلة المرض الأخيرة. ويعتبر الناصري أحد رموز الفن التشكيلي العراقي والعربي وخصوصا في جانب الغرافيك.
ولد الفنان الراحل في تكريت عام 1940 وانضم إلى معهد الفنون الجميلة في بغداد عام 1956 ليسافر فيما بعد إلى الأكاديمية المركزية في بكين عام 1959 ويتخصص في فن الغرافيك، مؤسسا في تاريخ الفن العراقي الحديث تجربة فنية رائدة بحيث لا يذكر الغرافيك إلا ويذكر معه رافع الناصري.
إن أسلوب الناصري الفني كان واقعيا، لكنه عقب رحلته إلى برشلونة، حيث أصبح على التماس مع الأساليب الفنية الغربية الحديثة وتعرف على أمزجتها وثورة مفاهيمها وتحطيم الشكل والخروج على التقاليد المتوارثة، بدأ يتساءل من أنا؟ وماذا أريد؟ وكيف ألمس جوهر نفسي؟ فكانت القطيعة مع مرحلته السابقة حادة وحاسمة . أما تجربته في الحفر والطباعة فقد استعارت من رسومه الواقعية عمق الخطوط وتحديداتها الصارمة للوجوه والأجساد، في تكوينات مجردة حرة يشكل الحرف العربي فيها عنصرا جوهريا في التكوين. اكتشف جماليات الحرف العربي وأدخلها في تكوينات تجريدية، كما اكتشف الأكرليك واستعمله بدلاً عن الألوان الزيتية
لقد انحاز الناصري للتجريد في استلهام موضوعاته وجاء اختياره نابعا من مخزونه الذهني وعشقه للأمكنة المنبسطة، وسعى لتجسيد قيم إنسانية مجردة كالجمال والحرية، لكن بعض أعماله خلال السنوات العشر الماضية عكست إحساسا عميقا بالوحدة والفجيعة فغدت ألوانه داكنة وانتشى بالأسود ليؤكد حضوره الطاغي .
يعتبر الفنان التشكيلي الراحل الناصري من الظواهر الفنية في تاريخ العراق، وهو مؤسس الغرافيك وطرق الطباعة في معهد الفنون الجميلة في بغداد ومراكز فنية للمتخصصين بالحفر والطباعة في الأردن والبحرين . كما كان دائما يستلهم الطبيعة ويوظفها في أعماله بذكاء . وقد لعبت الألوان بتدرجاتها دورا كبيرا كعناصر أساسية في تجربته الفنية التي أكدت أن اللون والكتل والفضاء تخلق عملا فنيا متميزا.
صورت أعماله نتائج ويلات الحرب . و سنوات الغزو والدمار والتهجير والغربة.. وعبرت عما فيها من مجازر ووحشية، وما خلفته من تشويه وتعذيب. عبرت عن هذه الأمور بجمالية ورقة وبألوان مفرحة وتوحي بالرقة والرومانسية. وهذا هو أبلغ تعبير لفنان عن الخراب والحرب وضياع الوطن . لقد ظهرت للمرة الأولى في تاريخ الفنون التشكيلية صفحات مشرقة لتعبر عن موقف ثابت: رؤية الفنان للحرب والإنسان المستهدف بقيمته الإنسانية وبحضارته الشخصية والتاريخية معا، فقد رفضها رافع الناصري أسوة بزملائه الفنانين، مع اختلاف في الفروق الفردية في تناول نوعية الموضوع ووسيلة التعبير عن قضية الحرية، شكلا وموضوعا .
إنه بحق رسام حدسي ، يضع يده على القصيدة فتبتل أصابعه بمعانيها الداخلية. بالنسبة له فإن الطبيعة لم تكن سوى قصيدة لم تُكتب بعد. من اللغة يستعير أحياناً حروفاً، كلمات، جملاً. ولكنه لا يبحث عن السياق الواقعي الذي يمكنه أن يكون ملاذاً لاستعاراته. يهرب بما قرأه لكي يكون مخلصاً لما رآه في وقت سابق . يمتزج لديه الفكر والنظر ليشكلا قوة خلق. لن يكون مجال الصورة هنا محصوراً بالتأويل، سيقع ما لا يمكن أن يتوقعه الفكر. ستتمكن الصورة من القبض على الجمال باعتباره حقيقة مثالية. هنا بالضبط ترتجل حواسه بوصلتها الواقعية .
الحبيب توحيد .

عن محرر المقال

صديقة علي

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مجلة دار العرب نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد االمقالات أول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

مجلة دار الـعـرب الثقافية

مجلة عراقية . ثقافية . أدبية

احصاءات المجلة

جميع الحقوق محفوظة لمجلة دار العرب الثقافية - تطوير مؤسسة إربد للخدمات التقنية 00962788311431

مجلة دار الـعـرب الثقافية