الموت على صدر الحياة
سامية خليفة / لبنان
الانتكاسةُ بوجهِها الكالحِ تتلاشى ، التّحدي بجراحِهِ الرّاعفةِ يعلنُ عن تباشيرِ انتصاراتِه بغرسِ فسائلِ الأملِ في خمائلَ لا تُسقى إلا بالمحبّةِ والتّضحيات.
أيها اليأس أدرك أنك مهما أُحكمت إغلاق المعابرِ دومًا هناك أنفاقٌ تعبرُها الرّؤى نحو بقاعٍ خضراءَ .
فلماذا أيتها الشّمسُ المكتحلةُ بالوهجِ تبكين؟! ألقشعريرةُ تعتريني وأنا ألمحُ عينيْكِ وهما تمطرانِ صقيعا أثناءَ توديعِ ابتساماتِ الحقول، في عزِّ آبَ حين تختفينَ عنِ الأنظارِ أتساءلُ في سرّي ما الذي سيمنعُ النّورَ في دواخلِنا من أن يشرقَ ،من أن يمنحَ دفئًا يتحدّى بحرارتِه دفءَ بحورٍ منَ الشُّموسِ، أو ربما أنه لا سبيلَ للمقارنةِ بين دفءِ الشَّمسِ المحسوسِ وبين جوهرِ دفءِ النفسِ الأبية.
تلك سيقانُ السّنابلِ المنكسة لرؤوسها تثير انهمار الدموع كلّما أجدبت الأرض ، السنابلُ لا بد حينما ترويها دموع المحبة من أن ترتفع رؤوسها من جديد .
الأرواحُ المعلَّقة بحبالِ المشانق تحلم بأن تطلقَ الرّصاصات على الحبال لتخرَّ الحبالُ صرعى،تنتظرُ النهاياتِ الميلودرامية السعيدة حتى وهي في أواخرِ الاحتراقِ ،النّفوسُ تميلُ بأن تتعلَّقَ بقشةِ أمل تنجيها من غرقٍ مؤكّد ، كامرأة وهي تغرق تمدُّ يدها للفراغِ تتخيّل في لحظاتِ عمرِها الأخيرةِ أنَّ حبيبَها الذي وأدَ أنوثتَها ذات فراقٍ سينجيها.
شعب أخرس يائس يتفرّس في لوحةِ الصَّرخة لبابلو بيكاسو ويسألُ نفسَه مستغربًا أين كنتُ حينما أغرقتُ بالنُّفاياتِ؟؟؟أيّها الشعب المسترسلُ في سباتِك العميقِ الآن وأنت تتخبّطُ في النكبات تذكَّرْ لوحةَ الصَّرخةِ ،أما آنَ لك أن تصرخَ بوجْهِ سارقي أحلامِك؟
الخلايا المحبطة تموت ليت كلّ خليّةٍ تصرخ تنتفض بوجهِ اليأسِ لتتآخى ونورَ الحقيقة.