-->
مجلة دار الـعـرب الثقافية مجلة دار الـعـرب الثقافية
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

سمر / أ . ميرفت الخزاعي

 سمر

أ . ميرفت الخزاعي 




امرأة حالمة وطفلة مشاكسة مجنونة، كم نصحها محمود
" كوني عاقلة يا آلامي" لكنها كفراشة تقفزُ من زهرةٍ لاخرى، لا تهمها المسافات ولا تعنيها الظروف ولا تحدها حواجز.
يحركها الألم، الحزن بداخلها يجعلها تثب كعداءة في ماراثون او سباق قطع المسافات الطويلة، ما يزال جمسها محافظا على لياقتهِ رغم تعديها عقدها الثالث، تستلقي جانبيا فوق حصيرٍ قطنيًّ وتفتحُ ساقيها كالمقص حين تمارس الرياضة داخل غرفة نومها فينحصرُ العالم بين فخذيها.
لا تحتاحُ قراراتها لأي مراجعة فهي تنفذها اولا ثم تناقشها لذا اتصلت بمحمود صباح أحدِ الأيام معلنةً عن وصولها لمشارف مدينته.
لقد تخاصما قبل عدة اشهر ورمى عليها يمين الفراق وبعث لها بكلمات قاسية وحادة ناهيا اياها ومنبهاً بعدم الإقتراب منه بأي شكلٍ او طريقة.
_ألو، شلونك ، راح اوصل الناصرية
_شتسوين جاية ؟!
_مشتاقتلك.
لم تمهله فرصة للتفكير او الرد ، وكأن القيامة حانت ساعتها ذلك اليوم وتخيل محمود السماوات تنطبق على الأرض
و المسيح يبعثُ حيا من جديد ، نصف ساعة تفصل سمر عن حلمها.
دخلَ الحمام بسرعة ، حلق ذقنه وغير ثيابه ، ولبس البنطلون البني والقميص المنقط الذي تحب لونه الابيض كثيرا وركب سيارته وانطلق.
ما إن عبرت سيارة الاجرة سيطرة تل اللحم حتى انتشى الهواء برائحة الفرات ، وحالما وضعت سمر قدمها على ارض سوق الشيوخ حتى تدفقت الدماء لوجهها وزادته اشراقا.
تابعت بنظرها السيارات وهي تدور حول تمثال الحبوبي في وسط ساحته ، تلمست السياج الحديدي الواطئ ،
اظنه كثيرا ما مر من هنا
ايتها الدقائق الثقيلة تعجلي
ودت لو قتلت الوقت آنذاك
كم احسد العيون التي رأته والآذان التي سمعت صوته، والايادي التي لامست كفيه والأنوف التي استنشقت عطره واعقابُ السجائر التي احتضنتها شفتيه.
بعد ان عرفته على السائق _ أبن جيرانها _ ، استاذن الاخير لبعض شأنه وتركهما معا.
اختارا طاولة في ركنٍ منعزل في مطعم " البيت الشامي" المطل على النهر.
هربت نظراتها من عينيه متظاهرة بالبحث عن شيء ما داخل حقيبتها ، لم تعلم كيف او بمَ تبدأ حديثها معه.
_ من أكل لسانكِ ايتها القطة الثرثارة ؟!
ارتسمت نصفُ ابتسامة يشوبها الحزن على وجهه.
تمنت لو رماها بكل ألفاظ اللوم والعتاب لكنه ظل هادئا ، ساكتا ، يبتلعُ أنفاس سيجارته ويقذف بدخانها وغضبه صوبَ النهر.
الهوة كانت شاسعة بينهما والفجوة كبرت خلال الاشهر الماضية ، فقد ظل متمسكا برأيه وغالقا امامها كل ابوب حياته : الجوال ، صفحته بالفيس بوك ، لم يتبق لها سوى هذا الطريق لتسلكه علها تحقق ما تتمناه .
اشتهت لمس كفه السمراء الطويلة النحيلة الاصابع المُلقاة على المنضدة وراقبت الأخرى وهي تمتدُ للعلبة وتسحبُ سيجارة ثانية ، مرت دقائق من صمتٍ مهيب ، منصتة فيها لأي حرف قد يصدر منه .
لم تستطع مخالفة طبعها فأنفجر الكلام الموقوت في صدرها:
_ يعني أذب نفسي بالشط حتى تسامحني؟!
صدمني ردك الجاف القاسي العنيف ، شعرتُ بأنك كنت مستعدا لهذا بل ومتحضرا له ولم يكن ينقصك سوى خطأ حتى لو كان غير مقصود.
ربما كنتُ نافذة لا يجيئك منها غير رياح السموم فقررت اغلاقها نهائيا بالشمع الاحمر ، واين ذهبت نسائمي الباردة اللطيفة التي حولت ايامك القاحلة لواحةٍ خضراء ، ألم تخبرني بهذا !
استذكرت كلمات اغنية المطرب الراحل رياض احمد وهي تهم الصعود بسيارة الأجرة عائدة للبصرة.
" مجرد كلام ، حجيته ونسيت
حبيبي حرام على الحب جنيت
كتلي انتهينا ، كلام ومشيت"

……..يتبع ( جزء من عمل)

عن محرر المقال

aarb313@gmail.com

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مجلة دار العرب نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد االمقالات أول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

مجلة دار الـعـرب الثقافية

مجلة عراقية . ثقافية . أدبية

احصاءات المجلة

جميع الحقوق محفوظة لمجلة دار العرب الثقافية - تطوير مؤسسة إربد للخدمات التقنية 00962788311431

مجلة دار الـعـرب الثقافية