من استيفن إلى كاثي
قصة / أ . رحيق محمد - موريتانيا
لكنني لا أشعر بالرغبة في فعل شيء ، شخص مثلي مشوش التفكير ، لا يستطيع السيطرة على ما يملك ، الى أن يفقد كل شيء.
في هذه الغرفة المظلمة ، صحبة كلبي ،الذي يراني بائس ، خائن هجرته زوجته ،يتملكه الخوف والفشل ، وترثي عليه هذه الجدران ..
أقدمت يوما للذهاب ، في صباحي المبكر ، الى الحديقة المجاورة ،جلست على كرسي خشبي ، زين للجلوس وربما لثنائيين ، الذي لم أحظى مثلهما ، تأملت العشب الأخضر يتمدد كأوراق الشاي ، حينما تلامسه نمسات الهواء ،ليبعث إلينا رائحته الزكية ، يملئها فراغ كبير ، لعائلتي الذي أحتاج وجودها بجانبي الآن ، ذهبت مودعا هذه اللحظة لموعد آخر ،عائدا الى سجني الضيق ، فتحت الباب لا صوت فيه ولا ترحاب ، يشبه كنيسة مهجورة ، لعنتها الآلهة ، أولى خطوات داخله ، تذكرني بخطوة ابني "مارتن" وصوت ضحكته ، بكائه وشهقاته ، ولعبه ، كل هذا محبوك في ذاكرتي ...
في هذا البيت رفيقي الذكريات ، والحنين لشيء لن يعود ، أتناول قطع الجبن ،وحبات الكرز المثمر ، ليس بتلك الرغبة والشهية ،فزوجتي "كاثي" كانت تنعم علي بترتيب سفرة ذهبية، بصورة كلاسيكية ، تحفها بابتسامتها البهية ، تتلوها قبلة على الجبين ..
الآن أصبحت أيامي فوضوية العبور ، كمدينة هجرها ساكنوها منذ بعيد ،لا يزورها قاص ولا يدنوها حبيب ، إنني أعيش هذه الأيام ياكاثي من دونك ، وأعلم أن هذا الوصف لا يكفي ، لوصف مأساتي حين هجرتني ، أريد أن أخبركِ بأنني الآن أحبك ، أكثر من أي وقت مضى ، ولو استطعت فعل الكثير لفعلته لأجل استرجاعك ....