كيفَ نَتَعامَلُ مَعَ ما يُواجِهُنا مِنْ قَضايا وَمُشْكِلات؟؟
هُناكَ أُسُسٌ لِلتَّعامُلِ مَعَ العَقَباتِ والمُعْضِلاتِ، فَالشَّيْءُ تُهَوِّنُهُ يَهونُ، وَالشَّيْءُ تُيَسِّرُهُ يَتَيَسَّرُ، والشَّيْءُ تُعَسِّرُهُ يَتَعَسَّرُ، وَتُصَعِّبُهُ يَصْعُبُ.
فَإذا واجَهَتْكَ مُشْكِلَةٌ أو عَقَبَةٌ فَلا تَفْزَعْ مِنَ الوهْلَةِ الأولَى، بَلْ تَرَوَّ في الأَمْرِ، وافْهَمْ ماهِو المشْكِلُ في الْقَضِيَّةِ، وما هِيَ أسْبابُهُ.
باختِصارٍ تَعْرِيفُ المُشْكِلَةِ مِنَ كُلِّ جَوانِبِها لِفَهْمِها جَيِّدًا. فَإذا فَهِمْنا الْمُشْكِلَةَ عَرَفْنا كَيْفَ نَتَعامَلُ مَعَها، وكيفيَّةَ الوصولِ إلَى الحَلِّ عنْ طَريقِ الْفَرَضِيّاتِ، والتَّخْميناتِ، وَتَجْرِبَةِ كُلِّ فَرَضِيَّةٍ حَتَّى نَهْتَدِيَ إلَى الْفَرَضِيَّةِ الصَّحيحَةِ، التي تُصْبِحُ نَظَرِيَّةً نَبْني عَلَيْها بَحْثَنا.
عَلَيْنا أنْ نَتَحَلَّى بالصَّبْرِ، فَقَدْ يَسْتَغْرِقُ الأَمْرُ أشْهُرًا بَلْ سِنينَ، ولا تَعْجَلْ لِأَنَّ في الْعَجَلَةِ الْفَشَلَ، وفي الْفَشَلِ الْيَأْسَ، وما بَعْدَ اليَأْسِ إلَّا الإحْباطُ والاستسلامُ لِلْيَأْسِ.
وَقَدْ أَلَّفَ أُدَباؤُنا الْقُدامَى في حَلِّ الْمُعْضِلاتِ مِنَ الْقَضايا الشَّيْءَ الكَثيرَ، واعتبروهُ مِنَ الأَدَبِ المنثورِ. وَمِنْ أشْهَرِ الكُتُبِ في هذا النَّوْعِ مِنَ الأدَبِ كِتابُ “الْفَرَجُ بَعْدَ الشِّدَّةِ” لِلْقاضي التَّنُّوخي (ت٣٨٤هج)، بمجلَّداتِِهِ الْخَمْسَةِ. وَتَنُّوخٌ مِنَ اليَمَنِ، وإلَيْها يَنْتَسِبُ أبو العلاءِ المَعَرِّي، وعَبدُ الرحمن بنُ خُلدونَ وكثيرٌ مِنَ العلماءِ والقُضاةِ المَشْهورينَ.
وَمِنَ الْكُتُبِ المفيدَةِ في هذا الْمَجالِ مَوسوعةُ “نَثْرُ الدُّرِّ” لِلْوَزِيرِ الكاتِبِ منصورِ بنِ الْحُسَيْنِ الآبِي (ت٤٢١هج)، وموسوعَةِ “التَّذْكِرَة الْحَمْدونِيَّةِ” لابنْ حمدون، وَهِيَ آيةٌ في الأدَبِ المنثور الرّائِع، فَإذا دَخَلْتَها فَكَأَنَّكَ دَخَلْتَ بُستانًا فيهِ فاكِهَةُ الدُّنْيا.
وَفي المكتبَةِ العربيَّةِ عَشَراتُ الموَسَّعاتِ في الأدَبِ المَنْثورِ، وهوَ زُبْدَةُ الأَدَبِ الْعَرَبِيِّ، وَمَفْخَرَةُ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ. وَشَرَفُ العَرَبِ أَيْنَما وُجِدوا.
فَعَلَيْكَ بِالْقراءَةِ تَرِبَتْ يَداكَ.

