بَعِيدًا عن الكورونا
أ.د.لطفي منصور
بَغدادُ مَنْ يَعْدِلُها؟؟
بَغْدادُ عِنْدَ أَهْلِها لا يَعْدِلُها سِواها، في طِيبِهَا وَكَثْرَةِ مُشْتَهاها. فَقَدْ حُكِيَ عن الْخليفَةِ العَبّاسيِّ الْمُعْتَضِدِ بِاللَّهِ (ت٢٨٩هج) أنَّهُ سافَرَ مِنْ بَغْدادَ إلَى سِنجارَ (مدينة بنواحي جزيرةِ الفُرات في جهةِ الْمَوْصِل) فَكَتَبَ إلَيْهِ الْعَطَوِيُّ (محمّد بن عبدِ الرَّحمن، شاعِرٌ عَبّاسيٌّ مشهورٌ، توفِّيَ سنةَ ٢٥٠هج، تاريخ بغداد ٣:١٣٧): من الكامل
- يا مَنْ أَقامَ عَلَى قُرَى سِنْجارِ
وَاخْتارَها دارًا بِأَكْرَمِ دارِ
- أَتَرَكْتَ بَغْدادَ التي لِنَسيمِها
أُرُجٌ مِنَ الأنوارِ والأشْجارِ
( الأُرُج: جمعُ الأريج وهو الرَّائِحةُ الطَّيِّبَةُ. الأنوار: جُمِعُ نَوْر وَهْوَ الزَّهر)
- هِيَ جَنَّةُ الدُّنْيا فكيفَ تَرَكْتَها
وَسَكَنْتَ دارًا غَيْرَ ذاتِ قَرارِ
- اُنْظُرْ بِقَلْبِكَ، لا بِعَيْنِكَ هَلْ تَرَى
كَرَجالِها في سائِرِ الأَمْصارِ
- مَنْ ذَا تُصادِفُهُ هُناكَ وَعِنْدَهُ
نُتَفٌ مِنَ الأَشْعارِ والأَخْبارِ
- مَمْزوجَةٍ بِخَلائِقٍ أَدَبِيَّةٍ
في رِقَّةِ الماءِ النَّميرِ الْجارِي
(الخَلائِق: جمع الخليقَةُ وهي الصِّفَةُ والطَّبْعُ، النَّمير: الصّافي، ممزوجةٍ أي أخلاقُ الرِّجال)
- وَلَئِنْ أَقَمْتَ وَبِعْتَنا وَجِوارَنا
بِحَديثِ عَهْدٍ أَوْ قَرِيبِ مَزارِ
( حَديثُ عهدٍ: وعْدٌ قريب، الجوار: من أَجارَ يُجيرُ. وهو حمايةُ المستجيرِ)
-فَأَنا أقولُ بِفَرْطِ حَرٍّ في الْحَشا
وَلَهِيبِ نارٍ غَيْرِ ذاتِ شَرارِ
لِمَ تَسْتَحِلُّ دَمِي وَتَعْلَمُ أَنَّهُ
مَنْ يَسْتَحِلُّ دَمَ امْرِئٍ في النّارِ
—————
المصدر:
١) لطائِفُ الأخبار للقاضي التَّنُّوخي ص: ٢٠٥-٢٠٦.
ديوان العَطَوِي في مجموعة (شعراء بصريُّون) ص: ٣١-٣٢.
تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٣:١٣٧.

