-->
مجلة دار الـعـرب الثقافية مجلة دار الـعـرب الثقافية
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

كيف سيأتي ... بقلم : أ . سما حسين

 كيف سيأتي
بقلم : أ . سما حسين


في السكن الجامعي الضيق جدا  كنا نمتلك غرفتان , غرفة خصصتها لأكتب فيها وغرفة أخرى للنوم والدراسة وتناول الطعام، 
في أيام الشتاء كانت تضحي بالمدفأة الوحيدة التي كنا نمتلكها  لغرفة الكتابة لأنها تعرف أني أحب الكتابة بجو حار وساخن، فكنت أنا أكتب وهي تبقى في الغرفة الأخرى تغطي نفسها بكل الملائات التي لدينا , لكني كنت أهجر مكاني وأخذ حاسوبي للغرفة التي تشغلها هي و أكتب جوارها بلا أكتراث لضوضائها الخفيفة التي أعتدتها رويدا وصارت طقسا من طقوس تأليفي.. 
دفئها كان يعوضني حقا عن تلك المدفأة, من الصعب جدا مقارنة نظرة حنونة ينظرها اليك شخص ما  بغرفة دافئة وأثاث مكتبي ملائم وفخم  ...
من الصعب أيضا أن أفوت فرصة التقاطها لصور مباغتة لي وأنا مندمجة بالضغط على الكيبورد كأعجاب صغير بشخصية  الكاتب التي كنت امتلكها بشكل خجول لا اظهره... 
كانت تشغل لي أغاني هادئة , تحدق بي وأنا افكر أو اتظاهر بالتفكير في شيء أكتبه بينما هو في الحقيقة غياب جزئي عن الوعي , حتى تغفو وهي تنتظرني
 تقاطعني أحيانا بشكل خبيث وودود لتتحدث بموضوع عابر , ثم تعدني أنها ستمارس ساديتها على المطبخ تحضر طعاما أحبه اذا كتبت نصا جيدا ....
سادية الطبخ .. بكل ما فيه من عمليات تقطيع وقلي وغسل وممارسات قاسية تتضمن أستخدام السكين والملاعق الكبيرة
كلها عمليات تشبه تقديم قرابين للنار , والتضحية بكائنات أخرى لأجل أشباع غريزة جوعي لارضى واحس بوجودي في كل هذا العدم الذي يحيطنا ..
ناهيك عن كونها لم توبخني يوما لإهمال دراستي والمكوث على حاسوبي وأوراقي وحتى تجاذب أطراف الحديث مع قرائي،، هذا لو أستثنينا جملا بسيطة تقولها حين لا أقوم بشيء مفيد تماما..
شيء ما بداخلها, شيء موجود منذ عرفتها في أيام الثانوية كان يقول لها ( لم تخلق هذه البنت , الا للكتابة وكل ما في الحياة من ممارسات اخرى ستثقلها ,وتفشل فيها ) وبسبب هذه النظرية التي شكلتها عني، كانت تتولى كل المهام تقريبا ...
بما فيها تهدئتي عند نوبات الهلع، البحث عن العفاريت التي كنت اشاهدها لتحاربها (كما كانت تزعم وتسخر)،،، معالجة الأرق وفوبيا الظلمة،، والدفاع عني حين اقع في أيدي اشخاص محتالين لا انتبه لزيفهم...  كانت تقول انها ستملك بيتا ضخما، وستخصص لي غرفة فيه، لاني لن اتزوج ، و سأبقى وحيدة هكذا، لا انام، لا اتحدث،لا استحم، اكل طعاما باردا، وهي لن تسمح ان اصل لهذه النقطة مجددا مادامت حية وترزق ... 
كنت أفكر وأنا اراقب مجرى الأحداث الروتيني هذا  , قد يأتي يوم ما أكتب فيه كل هذه التفاصيل ....
ولكن لما ؟ وكيف سياتي ؟
وهذا بالضبط، ماكنت اخاف ايجاد إجابة له.


عن محرر المقال

aarb313@gmail.com

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مجلة دار العرب نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد االمقالات أول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

مجلة دار الـعـرب الثقافية

مجلة عراقية . ثقافية . أدبية

احصاءات المجلة

جميع الحقوق محفوظة لمجلة دار العرب الثقافية - تطوير مؤسسة إربد للخدمات التقنية 00962788311431

مجلة دار الـعـرب الثقافية