-->
مجلة دار الـعـرب الثقافية مجلة دار الـعـرب الثقافية
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

الإمام موسى بن جعفر.. شعاعٌ خلف القضبان ... أ . إبراهيم الأعاجيبي / النجف

الإمام موسى بن جعفر.. شعاعٌ خلف القضبان 

أ . إبراهيم الأعاجيبي / النجف

IMG_%25D9%25A2%25D9%25A0%25D9%25A2%25D9%25A0%25D9%25A0%25D9%25A3%25D9%25A2%25D9%25A1_%25D9%25A0%25D9%25A0%25D9%25A1%25D9%25A0%25D9%25A3%25D9%25A8



إنَّ المنعطفات التي تمرُ على الإنسان في حياتهِ كثيرة, ويحتاج أن يرى من يُبَصِرهُ النور ويُهديه إلى جادةِ الصواب ليُميزَ ويكشف الظلام الذي يغشى العيون, لقد كانت السلطة في عهدِ الإمام موسى بن جعفر تخشى هذا النور الذي يجذب الناس إليه بأي أرضٍ حلَّ فيها, وهذه الصفة لم تعطَ لكل البشر, بل إنها بقيت صفة معروفة عند عظماء البشرية فهم الأقدر والأمهر على فنِ حُسنِ المعاملة والتربية الصحيحة, كان شعاعُ الإمام موسى بن جعفر قد أقضَّ على السلطةِ نومها وسلبها الهدوء والصفاء الذي تنعمت به من بُلهنية العيش الرغيد, وسُبل النعيم التام بكل ملذات الحياة الدنيا, هذه السلطة التي قامت على أكتاف الفقراء والمحرومين الذي يمثلون السواد الأعظم في الدولة, هؤلاء احتاجوا أن يجدوا شخصية تكون ملاذاً لهم لتخفف من حِدةِ الصراع الذاتي من جراء الظلم المروع الذي يعانون منه, فهم لا يستطيعون مواجهة السلطة إلا بأرواحهم , فالمعادلةُ ليست متكافئة, مضوا إلى هذا الإمام الذي وجدوه منهم ومن صميمهم الروحي, فقد عايشهم بهمومهم وأوجاعهم وكان لهم أباً حنوناً, هذه السلطة ترقب الجمهور الذي أخذ يلتف حول هذا  الإمام, الخطوة ارعبتهم بل قررت إن تُضيقَ عليه أكثر, أخذته ووضعته تحت القضبان وقيدت يديه ورجليه بالحديد الذي فعل فعله في جسده الطاهر,  السلطة أن جعلته في طامورة مظلمة لا يُعرف الليلُ منها أم النهار, هذه الطامورة تحولت إلى محرابِ عبادة وأخذت الملائكة تعلو وتهبط على هذه الشخصية التي ذابت في عبادة ربها, حاولت السلطة أن تثير غضب الإمام وتستفزه إلاّ إنها رجعت خائبة, وقصةِ تلك المرأة التي دخلت إليه عسى أن تنال منه إلاّ إنهم فوجئوا بأنها أصبحت من العابدات الزاهدات, هذا السحر العجيب في شخصية الإمام كان واضحاً, إن السلطة خشيت على نفسها أن يتحول سجنها إلى موطنِ ثورة وشعاع يطالب بالحرية والقصاص من الظالمين, عمدت إلى تغيير السجن مرة وأخرى لئلاّ ينجذبُ الجمهور إليه, هذه الشخصية التي عاشت العذاب خلف القضبان كانت مصدرُ إشعاع لأتباعها ومحبيها, فهم قد أُلهموا حبه عن بعد, هذا البعد القسري الذي قيد حركة النشاط والفعالية في إرساء دعائم المدرسة العلوية الكبرى, فيا ترى ما السحرُ الذي كان بشخصية الإمام موسى بن جعفر ليبُثَ إلى العالم الصبر ويعلهم معرفة العبادة الحقة, إنهم وجدوا بشخصهِ الراحة والأمن لنفوسهم التي تعاني الويلات والويلات من جور السلطة التي تحكمهم بقوة الحديد والنار, الشعاع الذي كان يبعث إلى الأصدقاء كان شعاع فكري ومعرفي واخلاقي, النور الذي كان يبزغ على محبيه يجد صعوبةً بالغة حتى يصل إلى الجمهور الذي يتطلع لهذا الشعاع ليلاً ونهارا, إن صدق الكلمة وليونتها وعذوبتها كانت تأتي من هذا الشعاع لتمر على بيوت الأصدقاء فيبكون لها ويتأثرون لوقعها, كانت شخصيته قوية حتى السحر به والولع, وبعض الشخصيات التي أسأت إليه قد تحولت من خُلصِ اصحابه! لم تستطع قيود القضبان أن تمنع شعاعِ الإمام موسى بن جعفر ان يصل إلى الناس فينهلون منه عذباً فراتا, وصل الحال إن السلطة سئمت من هذا النور, فعمدت إلى تصفيتهِ بأقسى تصفية, وكان ما أرادت, لكنها عجزت أن تقتله بقلوب الجماهير التي أحبته, هؤلاء البسطاء الذين كانت لهم مواقف كثيرة مع الإمام لم ينسوا أو ينكروا تلك الآثار التي احدثها الإمام فيهم, فكانت الناس تتناقل سيرته وفكره كأنه قد عاش بينهم, هذا الشعاع كان من خلف القضبان فكيف لو كان حراً طليقا ! إن الأمة حُرمت من فيضهِ الكثير والكثير وما زالت, لأن الحكومة قد شنت الحرب والعداوة عليه منذ طلائع شبابه المبكر, فيا موسى بن جعفر إنا قد اتخذناك إماماً للقلب والروح, ونحن وجدنا بك الوسيلة الطيبة التي من خلالها نسلك طريق الصواب والهداية وبها نكون قد أعددنا العدة لسفرنا المرتقب إلى خالق الناس, نريد أن نكون أناساً تحلّوا بصفةِ الإنسانية ونبذوا الكره والأنانية, شعاعك يا موسى بن جعفر هو النور الذي سنبقى نبصره ما دارت الأفلاك دورتها وما تقدمت الحياة بتقدمها, ستبقى ذكراك ندية عطرة نذكرها ونعيشها لأنها فيضٌ من اللهِ ربك وربنا .

عن محرر المقال

aarb313@gmail.com

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مجلة دار العرب نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد االمقالات أول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

مجلة دار الـعـرب الثقافية

مجلة عراقية . ثقافية . أدبية

احصاءات المجلة

جميع الحقوق محفوظة لمجلة دار العرب الثقافية - تطوير مؤسسة إربد للخدمات التقنية 00962788311431

مجلة دار الـعـرب الثقافية