-->
مجلة دار الـعـرب الثقافية مجلة دار الـعـرب الثقافية
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

النخوة والشهامة والغيرة عند العرب .. بقلم / د. صالح العطوان الحيالي

النخوة والشهامة والغيرة عند العرب .. بقلم /  د. صالح العطوان الحيالي

يتمتَّع البشر بالكثير من الصِّفات التي تعدُّ حكرًا عليه وحده وتميِّزه عن باقي الكائنات، حتى لو ظهرَت هذه الصِّفات في بعض الكائنات الأخرى أحيانًا فهي تظهر على أنها تَجَلٍّ غريب لدى إحدى الكائنات وليس بشكل تامٍّ غالبًا؛ أي: إنَّها تظهر بنِسَب معيَّنه لا تضاهي تلك التي لدى البشر، ويمتاز الكائن البَشري بجمعه لكلِّ الصِّفات داخل مَنظومته الشعوريَّة والعقليَّة، وفي بعض الأحيان يظهر أحدها على حساب الآخر؛ فمثلًا من الممكن أن نجد أن صفة الإيثار موجودة لدى فرد من البشر وفي فرد آخر تتجلَّى صِفة الأنانية، وذلك يعود لعدَّة عوامل؛ أهمُّها التربية والبيئة الاجتماعية، والصِّفات الشخصية التي يصقلها المرء في ذاته ويعمل على تَنميتها.هناك عوامل بيئية واجتماعية؛ لأنَّ الإنسان عَبر التاريخ في مجتمعاته دائمًا ما يكون هناك صِفات سائدة يشتهر بها مجتمعٌ ما على حساب صِفات أخرى؛ فمثلًا يشتهر المجتمع الألماني بعمليَّته ونشاطه والتزامه تجاه عمله ومجتمعه، بينما يشتهر الياباني بأخلاقه العالية التي عملَت على بِناء دولةٍ عظيمة بعد كارثةٍ لا يمكن توقُّع أن تقوم بعدها دولة؛ ألا وهي الحرب التي تعرَّضَ فيها هذا البلد لظلمٍ هائل أدَّى إلى دمارها تمامًا، فضلًا عن الزَّلازل التي تحصل فيها والأعاصير والكوارث الطبيعيَّة بشكل عام، بينما يَمتاز العربي بصِفات عدَّة كأيِّ مجتمع آخر؛ منها الإيجابية ومنها السلبية، ويستمد كل مجتمع صِفاته من ظروف عيشه ومعتقداته وما يمرُّ به من تجارب تجعله يصوغ قوانينه.وبما أنَّ العرب في بداياتهم عاشوا في مجتمعاتٍ بدوية وصحاري؛ أي: إنَّهم عاشوا حياةً صعبة نِسبة إلى غيرهم من المجتمعات؛ فقد تربَّت لديهم بعض الصِّفات المميَّزة؛ كالكرم والشَّهامة، والنَّخوة والشَّجاعة، وهذه الصِّفات ظهرَت نظرًا لصعوبة العيش؛ بحيث اكتشف الإنسان العربي أنَّ عليه أن يساعِد غيرَه ليحصل على المساعدة ويستمر في البقاء هو وغيرُه، وفيما بعدُ تمَّ توارث هذه الصِّفات حتى أصبحَت عاداتٍ متعارَفًا عليها ويشتهر بها العرب؛ فمثلًا أي زائر غريب لمجتمع عربي يلاحِظ أنَّ هذا المجتمع بالحدِّ الأدنى يمتلِك صفةَ النَّخوة، وهي عِبارة عن صِفة يكون فيها الفرد قابلًا لتقديم المساعدة دون أي مقابل، ويقوم بنصر المظلوم ولو على حِساب نفسه، وهي تشبه صِفةَ الإيثار، بينما هي بالمعنى الأشمل لها تحتوي على الإيثار والشَّهامة في نفس الوقت، وهي صفةٌ جيدة يمتدح كل مَن يحملها ويتم تعزيزها دائمًا لدى الفرد.
ومن أهمِّ الصِّفات العربية الأصيلة والأخلاق الإسلامية التي تُميِّز المجتمع، والتي نحن بصدد الحديث عنها: النخوة والشهامة، فما هي؟
معنى الشهامة لغةً:الشَّهامة مصدر شهم، وهذه المادة تدلُّ على الذكاء.
والشَّهم: الذكي الفؤاد المتوقِّد، الجَلْد، والجمع شِهام...، وقد شَهُم الرجل - بالضمِّ - شهامةً وشهومة إذا كان ذكيًّا، فهو شهم؛ أي: جَلْدٌ.
وقيل: الشَّهم معناه في كلام العرب: الحَمول، الجيِّد القيام بما يحمل، الذي لا تلقاه إلَّا حَمولًا، طيِّب النفس بما حمل.
معنى الشهامة اصطلاحًا:
قال ابن مسكويه: الشَّهامة هي: الحرص على الأعمال العِظام؛ توقُّعًا للأحدوثة الجميلة، وقيل: الشَّهامة هي: الحِرص على الأمور العظام؛ توقعًا للذِّكر الجميل عند الحقِّ والخلق.
وقيل هي: عزَّة النَّفس وحرصها على مباشرة أمور عظيمة، تَستتبع الذِّكر الجميل.
والنَّخوة: اسم، والجمع: نَخَوات ونَخْوات، مصدر نخا.
النَّخوَة: الحماسة والمُروءة. النَّخوَة: العظمةُ والتكبُّر.
كم هي جميلة لغتنا العربيَّة! وكم من كلمة يتداولها ملايين البشر من العرب عبر أصقاع الوطن العربي بشكلٍ متكرِّر دون محاولة منهم لتفسيرها؛ فهم يفهمون ما يقصدون، ولكن إذا أردنا التعريفَ الدَّقيق للكلمة؛ فهذا يزيدنا متعةً بلغتنا العربيَّة التي تحتوي كل أسرار الرَّوعة والإبداع.
مَن منَّا لم يسمع بكلمة "نخوة"، فإذا حصلَت مصيبة قال فلان: أنا أعِين أصحاب تلك المصيبة على مصيبتهم، فيجيبه رفيقُه: والله إنَّك فعلًا رجل عندك نخوة، وإذا ما تقاعس فلان آخر من النَّاس عن مساعدة أناسٍ هو قادر على مساعدتهم قيل له: أليس عندك نخوة يا رجل؟! عيبٌ أن تقِف مكتوفَ اليدين فلا تساعدهم، فما المعنى اللُّغوي الدَّقيق لكلمة "نخوة"؟
والنَّخوة على أكثر الأقوال رجوحًا عند أهل اللُّغة مختصَّة بالرِّجال دون النِّساء، فهي تعتبر من تمام الرُّجولة، بل قد يعتبرها الكثيرون أنَّها هي ميزان الرجولة؛ فالنَّخوة هي كل ما تحمله النَّفس من طبائع حميدة تحمل صاحبها على أفضل الأخلاق وأحسن العادات وأطيب الكلام، وهي تؤدِّب صاحبها بكلِّ أدب رفيع، وهي أيضًا هبته لنصرة كل حق.
النَّخوة هي مقياس الرُّجولة عند الكثير من شعوب الأرض، ولذا خُصَّ بها الرجال دون النِّساء، وهي خُلُق عربيٌّ أصيل منذ فجر التاريخ، وقد حث الدِّين الإسلامي الحنيف على كل خُلق كريم، وكلما زادت أخلاقُ المرء وعاداته الطيبة زادَت نخوته، فالنَّخوة هي التطبيق العملي حين الحاجة لِما هو مخزون في النفس من صلاحٍ في الأخلاق.
إنَّ اختصاص النَّخوة بالرجال إنَّما هو اختصاص لعِلَّة الملازمة بين التطبيق العملي حين الحاجة وبين أن يكون المطبِّق رجلًا؛ حيث إنَّه يفترض بالرجل أن يكون أكثر جرأة وأعلى صوتًا وأبلغ حجَّة وأقوى عضلًا وأشد شكيمة، وهذا لبِنْيَة خَلقه، فاختصاصها بالرجال لعِلَّة الملازمة، ولكن لا يَعني ذلك عدم وجود تلك الصِّفات الحميدة - من عدم السكوت على الظُّلم والنصرة للحقِّ وغيرها - في الإناث، ولكن لأنَّ طريق الأنثى في التَّعبير يكون ألطف من الرَّجل وسبيلها غير سبيله، فلذلك قال العرب: رجل ذو نخوة، وقَلَّ - أو ندر- استعمال العرب للتعبير: (امرأة ذات نخوة).
"الغيرة عند العرب قبل الاسلام "
الغيرة على العرض والشرف ما تميز به العرب، حتى قبل أن تشرق الشمس بنور الرسالة المحمدية، فكان العرب يفخرون بذلك ويبذلون في سبيل الحفاظ على عرضهم الغالي والنفيس، حتى إن قائلهم كان يقول:
يهون علينا أن تصاب جسومنا......وتسلم أعراضٌ لنـا وعقـول
ومدح رجل من أهل الجاهلية امرأته فقال:
سقط النصيف ولم ترد ......إسقاطه فتنـاولتـه واتقتـنا باليــد
سقط النصيف (غطاء الوجه) من غير قصد ولا عمد، فغطت وجهها بيدها مخافة أن يُرى. ويمدح رجل آخر (من أهل الجاهلية) قبل الإسلام!! يمدح امرأته فيقول:
لقد أعجبتني لا سقوطا قناعها ..... إذا ما مشت ولا بذات تلفتِ
فإن العرب الذين أنتم من سلالتهم، كانوا يتميزون بالخلق العالي وهو الغيرة على الشرف.والغيرة على الشرف من أعظم المنازل، وهي دليل على الفحولة والرجولة، ومن أفلت زمام الأمر، عُدَّ من سقط المتاع فلا قيمة له ولا قدر.
ومن تأمل قصص الجاهلية ليرى من ذلك عجباً...!
فمما جاء من قصصهم، أن عقيل بن علفة: نزل في منتجع ماء، كعادة البدو الرحل الذين ينـزلون عند المياه لترده أنعامهم، فسمع ابنة له تضحك وقد شهقت في آخر ضحكتها حتى سمع الرجال الصوت، فحمل عليها بالسيف وهو يقول:
فَرَقْتُ إني رجل فَروقُ ..... لضحكة آخرها شهيقُ
إن العرق العربي يتمتع بالشهامة والحساسية المفرطة تجاه عرض المرأة، مما يشهد له التاريخ في كل عصر وزمن، ولما سادت الجزيرة العربية الفوضى خارج المدن في العهد العثماني، استدعى ذلك أن تسن القبائل قوانين لحفظ أنسابهم وشرفهم، وقد ذكر المؤرخ العثماني أيوب صبري باشا في كتابه: "مرآة الجزيرة العربية": أن العرب كانوا لا يعرفون معنى الفاحشة ولا توجد بينهم، ولا يعتدي عربي على امرأة، حتى لو كان لصا يستاقها مع أغنامها ليالي وأياما ليسلب الغنم، لكنه لا يخطر بباله أن يعتدي على شرفها.
ويقول المؤرخ العثماني: "وكان الأعراب لا يهابون أي تضحية في سبيل مسألة الشرف، وهذا يدل على اشتداد غيرتهم وحميتهم، ولا يعرف أحد من الأعراب معنى الفاحشة".أواه أين حمية الماضي وشهامته؟!!..واأسفا على عفاف ذلك الماضي…
حزن عميـق فاض بي وشجـاني ..... واستعبـرت عيني وشل جنانـي
وعذاب أنفاس تردد رجعــها ..... فتسابقتهــا ثورة الغثيــان
لو كان في صدري لها متنفـس...... لكنها تشكو مــن القضبـان
لو كان للأيام صــوت ناطق ..... لرثت وفـاق بيانها تبيـــاني
لو كانت الأوراق تحكي لاشتكت...... قلمي وقالت: تـاه فيك لسـاني
أواه من قلب يكبلـه الأســى...... فيهيم بين مدارة الأحــــزان
أبكي ودمعي في خـدودي نازف..... عيني جرت وتمزقت أجفـــاني
لقد كان العرب في الجاهلية يعدون المرأة ذروة شرفهم، وعنوان عرضهم، ولذلك فقد تفننوا في حمايتها والمحافظة عليها، و الدفاع عنها زوجة وأماً، ابنة وأختاً، قريبة وجارة، حتى يظل شرفهم سليماً من الدنس، ويبقى عرضهم بعيداً من أن ُيمس. ولم يكن شيء يثير القوم كالاعتداء على نسائهم أو المساس بهن، ولذلك كانوا يتجشمون في الدفاع عنهنَ كل صعب، ولا يضنون بأي غال، لقد كانت الغيرة تولد مع القوم، وكأنَّهم رضعوها فعلاً مع لبان الأمهات .
وفي بيئة العرب التي قامت فيها الأخلاق على الإباء والاعتزاز بالشرف، كان لابد للرجال والنساء من العفة ومن التعفف، لأن العدوان على العرض يجرُ الويلات والحروب، وكان لابد من الغيرة على العرض حتى لا يخدش، والعفة شرطٌ من شروط السيادة، فهي كالشجاعة والكرم، وكان العرب أغير من غيرهم[2]، لأنَّهم أشدٌّ الناس حاجةً إلى حفظ الأنساب، ولذلك قيل: كل أمة وضُعت الغيرة في رجالها، وضعت الصيانة في نسائها، وقد وصل العرب في الغيرة أن جاوزوا الحد، حتى كانوا يؤدون بناتهم مخافة لحوق العار بهم من أجلهنَّ.
وأول قبيلة وأدت من العرب ربيعة، وذلك أنَّهم أُغِيرَ عليهم فنُهبت بنت لأمير لهم، فاستردها بعد الصلح، وخُيرت رضاً منها بين أبيها ومن هي عنده، فاختارت من هي عنده، فغضب والدها وسنَّ لقومه الوأدَ ففعلوه غيرةً منهم، وشاع الوأدُ في العرب بعد ذلك.
ومن نخوة العرب وغيرتهم، أنَّهم يكنون عن حرائر النساء بالبيض، وقد جاء القرآن الكريم بذلك فقال - سبحانه -: ((كَأَنَّهُنَّ بَيضٌ مَكنُونٌ)) (الصافات: 49).
وقال امرؤ القيس: (وبيضة خدر لا يرام خباؤها).
ومن نخوةِ العرب وغيرتهم أنَّهُ كان من عادتهم إذا وردوا المياه أن يتقدم الرجال، والرغاء، ثم النساء إذا صدرت كل الفرق المتقدمة، حيثُ يغسلنَّ أنفسهن وثيابهن ويتطهرن آمناتٍ, ممن يزعجهن، فمن تأخر عن الماءِ حتى تصدر النساء فهو الغاية في الذل.
وكان للغيرة عند القوم مظاهرَ كثيرة منها: حبهم لعفةِ النساء عامة، ونسائهم خاصة، ومنها حبهم لحيائهنَّ وتسترهنَّ ووفائهنَّ ووقارهنَّ.
وقد أشاد الشعراء بعفة النساء وتمنعهنَّ ووفائهنَّ، قال علقمة بن عبده:
منعمةً ما يستطاعُ كلامها .....على بابها من أن تزار رقيب
إذا غاب فيها البعل لم تفشِ .... سره وترضى إياب البعل حين يئوبُ
وكان من مظاهرِ الغيرةِ عند العرب، سترُ النساءِ ومنعهنَّ من الظهور أمام الرجال
يقول الأفواه الأودي:
نقاتلُ أقوماً فنسبي نساءهم ولم ..... ير ذو عزٍّ, لنسوتنا حجلا
على أنَّهم كانوا يفخرون بغضِّ البصر عن الجارات، ويعتبرون ذلك من العفة والغيرة على الأعراض، كان كشفُ الستر بجارح النظرات، وهتك الأعراض بخائنة الأعين، وفضحِ الأسرار باستراق السمع لا يترفع عنه إلاَّ كل عفيف، وما أجمل قول عروة ابن الورد:
وإن جارتي ألوت رياح ببيتها ..... تغافلت حتى يستر البيت جانبه
وقول عنترة:
وأغض طرفي ما بدت لي جارتي ..... حتى يواري جارتي مأواها
أين هؤلاءَ من بعض الشباب اليوم الذين يتسكعون في الأسواق، أو يتلصصون حول الحرمات، وبعض وسائل الإعلام تعرضُ المسلسلات الماجنة، التي تدربُ الشباب على التحلل والعدوان.
لقد كانت عند العرب أخلاقٌ كريمة، بعث نبي الرحمة- عليه الصلاة والسلام - ليتممها، ويقوّم ما انحرف منها، ويسمو بها وبأمثالها.
لقد حمد الإسلام الغيرة، وشجع المسلمين عليها، ذلك أنَّها إذا تمكنت في النفوس كان المجتمع كالطود الشامخ، حميةً ودفاعاً عن الأعراض، والمؤمنُ الحق غيورٌ بلا شطط، يغار على محارم الله أن تنتهك، وفي الحديث أن سعد بن عبادة- رضي الله عنه- قال كلاماً بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دلَّ على غيرته الشديدة، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أتعجبون من غيرة سعد، لأنا أغير منه، والله أغير مني)) رواه البخاري.
هذه هي الغيرة، غيرةُ الإسلام على المحارم والأعراض، المنبثقة من غيرةِ رب العباد، والمتمثلةِ في خاتم المرسلين، وهي ليست بخافيةٍ, على أحدٍ, من الناس، قال - تعالى -: ((قُل إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنهَا وَمَا بَطَنَ)) (لأعراف: من الآية33).
ويقول - صلى الله عليه وسلم -: ((لا أحد أغير من الله، ولذلك حرم الفواحش، ما ظهر منها وما بطن)) رواه البخاري.
ومن أجل أن يكون المجتمع المسلم نظيفاً، أمرَ الإسلام بعددٍ, من الأوامر والنواهي، ليحفظ هذا المجتمع طاهراً نقياً، وتصبح مظاهر الغيرة فيه جلية، ومن علامات هذا النقاء.ولذلك فرض الله على المسلمات ستر مفاتنهنَّ، وعدم إبداء زينتهن، يقول - تعالى -: ((وَقُل لِلمُؤمِنَاتِ يَغضُضنَ مِن أَبصَارِهِنَّ وَيَحفَظنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنهَا وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَو آبَائِهِنَّ أَو آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَو أَبنَائِهِنَّ أَو أَبنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَو إِخوَانِهِنَّ أَو بَنِي إِخوَانِهِنَّ أَو بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَو نِسَائِهِنَّ أَو مَا مَلَكَت أَيمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيرِ أُولِي الأِربَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفلِ الَّذِينَ لَم يَظهَرُوا عَلَى عَورَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضرِبنَ بِأَرجُلِهِنَّ لِيُعلَمَ مَا يُخفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيٌّهَا المُؤمِنُونَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ)) (النور: 31).((وَقَرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرٌّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً)) (الأحزاب: 33).
وحرم الإسلام كذلك الدخول على النساء لغير محارمهم، كما حرم الخلوة بهن، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إيَّاكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: \" الحمو الموت)) و الحمو أخو الزوج وما أشبههُ من أقاربه.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يخلونَّ رجلٌ بامرأة إلاَّ مع ذي محرم، فقام رجل فقال: يا رسول الله امرأتي خرجت حاجة، واكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: \" ارجع فحج مع امرأتك)) رواه البخاري.
تطهير وتحصين لهذا المجتمع الفاضل، فلا خلوة ولا ريبة، وحتى الجهاد يؤمر الرجل بتأجيلهِ من أجل أن يحج مع امرأته، فلا تُسافر وحدها، هذه روح الشر ع الحنيف، والمتأولون كل يومٍ, قد يطلعون علينا بجديد.
ومن لوازم هذه الغيرة: الحياء، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((الحياء من الإيمان، و الإيمان في الجنة)) رواه ابن حبان.
ومن ذلك أيضاً: غض البصر، قال - تعالى -: ((قُل لِلمُؤمِنِينَ يَغُضٌّوا مِن أَبصَارِهِم وَيَحفَظُوا فُرُوجَهُم ذَلِكَ أَزكَى لَهُم إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصنَعُونَ)) (النور: 30).
وقوله: ((وَقُل لِلمُؤمِنَاتِ يَغضُضنَ مِن أَبصَارِهِنَّ وَيَحفَظنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنهَا وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَو آبَائِهِنَّ أَو آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَو أَبنَائِهِنَّ أَو أَبنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَو إِخوَانِهِنَّ أَو بَنِي إِخوَانِهِنَّ أَو بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَو نِسَائِهِنَّ أَو مَا مَلَكَت أَيمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيرِ أُولِي الأِربَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفلِ الَّذِينَ لَم يَظهَرُوا عَلَى عَورَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضرِبنَ بِأَرجُلِهِنَّ لِيُعلَمَ مَا يُخفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيٌّهَا المُؤمِنُونَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ)) (النور: 31).
ثم بدأت الأخلاق تتغير عند الكثيرين، مع ضعف الوازع الديني، وهجمة الغرب الشرسة، حتى بدت المظاهر المنحرفة عجيبة في العلاقات الاجتماعية والأخلاقية.
ابتعد كثيرون عن الواقع النظيف، وحتى غيرة أهل الجاهلية، انحدرت وتلاشت في كثيرٍ, من الأوساط، إذ أصبح الاختلاط (بين ما يسمى بالأسر التقدمية) شائعاً، حيث الأحاديث المشتركة، والموائد المختلطة.
وفي المطارات ما يراهُ المسافر من مظاهر شائنة، لا تحرك غيرةً ولا رجولة، لقد جادلت بعض الأقلام الهابطة أن تنتزع عن الفتاة المسلمة كل خلق أو تقليد، حتى الحياءَ الذي كانت تتميز به الفتاة المسلمة الشرقية.
إنَّ المجتمعات التي تسود بها القيم والأخلاق الحيوانية، لا يمكنُ أن تكون مجتمعاتٍ, متحضرةٍ, مهما تبلغُ من التقدم الصناعي والاقتصادي والعلمي!)، (وفي المجتمعات الجاهلية الحديثة ينحسرُ المفهوم الأخلاقي، بحيث تتخلى عن كل ماله علاقة بالتميز الإنساني عن الحيوان، ففي هذه المجتمعات لا تعتبر العلاقات الجنسية غير الشرعية، ولا حتى العلاقات الجنسية الشاذة رذيلةً أخلاقية، إنَّ المفهوم الأخلاقي ينحصرُ في المعاملات الشخصية والاقتصادية والسياسية، أحياناً في حدود مصلحة الدولة)، (مثل هذه المجتمعات مجتمعات مختلفة من وجهةِ النظر الإنسانية، وهي كذلك غير إسلامية، لأنَّ خط الإسلام هو خط تحرير الإنسان من شهواته..).
وأخيراً:
فإنَّ معايير الأخلاق قد اهتزت في عصرنا الحاضر، ولابدَّ من أن نوليها الاهتمام الكافي الذي يوجبهُ علينا ديننا.وإنَّ التطبيق الواقعي لهذه الأخلاق، في حياة المسلمين اليوم بات واجباً إسلامياً، ومنهجاً تربوياً دعوياً، طالما أُهمل في قطاعات كبيرة من مجتمعات المسلمين والناس عموماً في هذا القرن.
إلاَّ أنَّ الأمل كبير في الأجيال المؤمنة، لتقوّم الانحراف، وتزرع الفضيلة، وتكون قدوةً حسنة، وواقعاً حياً لما كان عليه سلف هذه الأمة...

عن محرر المقال

Unknown

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مجلة دار العرب نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد االمقالات أول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

مجلة دار الـعـرب الثقافية

مجلة عراقية . ثقافية . أدبية

احصاءات المجلة

جميع الحقوق محفوظة لمجلة دار العرب الثقافية - تطوير مؤسسة إربد للخدمات التقنية 00962788311431

مجلة دار الـعـرب الثقافية