-->
مجلة دار الـعـرب الثقافية مجلة دار الـعـرب الثقافية
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

"عزف على الماء" خمر ... قصة :: للأديب مصطفى الصالح

"عزف على الماء"
خمر ... قصة :: للأديب مصطفى الصالح

في اليوم التالي للدمار الشامل استيقظ العالم مذهولا، هل نام حتى يستيقظ!! مناطق وبلدان قليلة جدا نجت من الزلزال المدمر، سحائب من الدخان الأحمر والغبار الأسود ما زالت تترصد الخيام القريبة، تثير الهلع فيما تبقى من أشجار واقفة، جلت الصدأ عن بعض القلوب فأشرقت شمس حقيقتها، بينما بهتت قلوب أخرى.
خرج عمر من الحفرة الوفية، هندم نفسه وملابسه، وقت السحر من أجمل الأوقات وأقربها للمناجاة والنشاط، وكما يقول المثل الليل ستار، وهذا الوقت هو الأنسب لاجتماع خفي يتخذ فيه قرار يقلب الطاولة، يلقي بالعنجهية الغربية والصلف الصهيوني إلى مستنقعات التاريخ، الهدوء المريب يشترك مع فلول الظلام في نشر الأراجيف في الشوارع المتعبة، صرير الباب يحدث ضجيجا في الزقاق المعذب، يحاول قدر المستطاع إغلاقه برفق وهو ينسل إلى الشارع برشاقة الوشق، توقف فجأة على ناصية الحذر، بهرته الجموع المتحركة: أكل هؤلاء ذاهبون إلى صلاة الفجر، ماذا حصل، ماذا يفعل كل هؤلاء في هذه الساعة المتألقة من حظر التجوال!! في العيون فرح يرفرف، يحمدون الله بعبارات تفضح قلقهم، هل حصل شيء لا أعلمه، لا أدري عنه!! أيقظه رفيقه من غيبوبة التساؤل: ما بك يا رجل؟ لم أنت هنا؟ هيا بنا... فقد تغير مكان اللقاء بعد المعجزة الإلهية الباهرة...
- معجزة... إلهية.... باهرة!! تمتم بدهشة
- يبدو أنك في كوكب آخر... لقد خسف الله بكل بؤر الفساد والشر دفعة واحدة... ومشى يجر صديقه الحائر مع الجموع النافرة نفور المزدلفة وهو مسترسل بحديثه: لم تصلنا أخبار أخرى لأن الاتصالات انقطعت بسبب تساقط الأقمار الصناعية عن شجرة نيوتن الواحدة تلو الآخر، وكما نجى الله فرعون نجى رئيس أمريكا ليكون لمن خلفه آية، لم يكن حينها في القصر، وفي رده على سؤال قال منزعجا: دعونا نفكر بحل مشاكلنا أولا، لا تسألوني عن إسرائيل والعرب، ولا عن روسيا وغيرها... أمريكا أولا يا مجانين...
ماذا تقول يا رجل، رد وقد اختلطت مشاعره وتشابكت أفكاره مع ما تساقط عنه من هالات يأس، هل هذا معقول؟ أكل هذا حدث وأنا مختبيء في البئر القديم!!.. وماذا نفعل الآن، إلى أين نذهب؟
- إلى المسجد الأقصى حيث سنعلن دولتنا ونطهرها من الدنس...
- بالمناسبة أين جنود الاحتلال، ليس من عادتهم ترك هذه الأمور تحصل تحت أعينهم
- معظمهم ألقى السلاح وفر بجلده يا صديقي... انظر... ها هم يتسللون إلى جحورهم متخفين... سنختار الآن الرئيس والبرلمان وغيره من الأمور.. وهذا سعيد قد أتى، سنلتقي باقي المجموعة هناك...هيا بنا أسرع.
- رئيس وبرلمان!... قال وهو يمسح براحة يده على رأسه في حركة استلهامية، يستدرج بها فكرة منعشة: أنا أريد دولة ديمقراطية متحضرة
وحين رد سعيد: أنا أفضلها دولة تهتم بالعاملين والكادحين، تتساوى فيها فرص التعليم..
وقف يوسف في وسط الطريق مستهجنا: يعني تريدها اشتراكية شيوعية ملحدة؟!
- عالم ملحد خير من متدين جاهل
- هذا كفر وضلال... أنا لن أشارك بهكذا دولة ولن أسمح
- وأنا لن أسمح لك قال سعيد مع حضور زميلهم الرابع حسن الذي سمع أطراف الحوار فدخل على الخط بسلاحه..
- اسمعوا أيها الأغبياء! أبعد أن أكرم الله العرب بنصر مبين تتآمرون على قوميتكم ومبادئكم.. ما أسخفكم!...
نظروا حين وصلوا إلى ساحة الأقصى، فإذا الناس متسلحون بأكوام من الأشعار الفتاكة، والحجارة المعهودة، وبرصاص يتقن كل اللغات، وفي العيون شهب حارقة...
إنه يوم المعجزات قال في نفسه... سلك كل واحد منهم طريقه...
وصفق المطر الأسود...

عن محرر المقال

Unknown

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مجلة دار العرب نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد االمقالات أول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

مجلة دار الـعـرب الثقافية

مجلة عراقية . ثقافية . أدبية

احصاءات المجلة

جميع الحقوق محفوظة لمجلة دار العرب الثقافية - تطوير مؤسسة إربد للخدمات التقنية 00962788311431

مجلة دار الـعـرب الثقافية